يورث عن الأشياخ إلا ما يكون منهم حالة الصحو موافقًا للشريعة، والعارفون منهم لا يخرجون في أحوالهم عنها
قيد شعرة ما داموا في صحوهم، وقد تبرءوا ممن يخرج في حركاته وسكناته عن الكتاب والسنة.
كيف لا يتبرءون وقد تبرأ من ذلك الأئمة المجتهدون الذين وقفوا على حقيقة الأمور؟ فعن أيى حنيفة رحمه الله تعالى أنه كان يقول: إياكم والقول في دين الله تعالى بالرأى وعليكم بالسنة فمن خرج عنها ضل. وكان يقول: لا ينبغى لأحد أن يقول قولًا حتى يعلم أن شريعة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تقبله. وقد تبرأ ممن يخرج عن الكتاب والسنة (وعن) الإمام الشافعى رحمه الله تعالى أنه كان يقول: إذا رأيتم كلامى يخالف كلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاعملوا بكلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واضربوا بكلامي الحائط، وكان يقول: كل شيء خالف أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سَقَطٌ ولا يقوم معه رأى ولا قياس، فإن الله تعالى قطع العذر بقوله -صلى الله عليه وسلم-، فليس لأحد معه أمر ولا نهى. (وروى) عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله أنه إذا سُئِل عن مسألة يقول: أَوَ لأحد كلام مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ وكما صح عن الثلاثة صح عن الإمام مالك رحمه الله، روى ابن عبد البر أن ابن عيسى قال: سمعت مالك بن أنس يقول: إنما أنا بشر أخطئ وأصيب، فانظروا في رأى فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه.
وقال أبو يزيد البسطامى رحمه الله: لو نظرتم إلى رجل أعطى من الكرامات حتى يرتقى في الهواء فلا تغتروا به حتى تنظروا كيف تجدونه عند الأمر والنهى وحفظ الحدود وأداء الشريعة، وقال سيد الطائفة الجنيد: علمنا هذا (يعنى التصوف) مقيد بالكتاب والسنة، وقال الإمام الكبير أبو الحسن النورى قرين الجنيد: من رأيته يدعى مع الله تعالى حالة تخرجه عن حد العلم الشرعى فلا تقرين منه فإنه مبتدع؛ لأن من لم تشهد الشريعة لأفعاله وأقواله فهو مبتدع وإن جرت عليه أحوال خارقة العادة؛ لأن ذلك من جملة المكر له، وقال أبو القاسم النصراباذى الصوفى الكبير: أصل التصوف ملازمة الكتاب والسنة وترك الأهواء والبدع. وسُئِلَ أبو على الحسن بن على الجوزجانى: كيف الطريق إلى الله؟ فقال: