للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشرعى هو الذى يوافق قوله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} (١)، وقوله تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ

الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (٢)، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: " أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلى: لا إله إلَّا اللَّه" وغير ذلك من الآيات والأحاديث الصحيحة. وكل ذكر خالف ذلك حرام بإجماع الأمة رمردود على فاعله. (كيف لا) وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: " أصحاب البدع كلاب النار"، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" متفق عليه، وفى رواية لمسلم: "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد" وهؤلاء قد أحدثوا في الدين ما ليس منه، وتعبدوا بما لم يرد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عن أصحابه ولا عن صالح المؤمنين.

ولا ريب أن تحريف أسماء الله تعالى من أقبح البدع المحرمة إذ فيه إخراجها عن حقيقتها الواردة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وتسميته تعالى بما لم يرد به نص صحيح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهو من الإلحاد المحرم بالإجماع، فقد قال الفخر الرازى وغيره من أكابر المفسرين عند قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (٣). إن من جملة الإلحاد أن تسميه تعالى بما لم يسم به نفسه كالسخى وأبى المكارم لعدم وروده وإن دل على كمال، فما بالك بالألفاظ التى شاع سماعها من غالب أرباب الطرق اليوم المشتملة على الفظاظة والكيفيات المنكرة فهم يتقربون إلى الله تعالى بالسيئات، فهى أحرى باسم الإلحاد والضلال، وقال العارف الصاوى في حاشيته على الجلالين: ويطلق الإلحاد على التسمية بما لم يرد، وهو بهذا المعنى حرام لأن أسماءه توقيفية، فيجوز أن يقال: يا جواد لا أن يقال: يا سخى، ويقال: يا عالم دون عاقل، وحكيم دون طبيب وهكذا، فمن خرج في ذكره عن الكتاب والسنة فقد أهلك نفسه ومن تبعه. انتهى.

وأما قولهم: وجدنا أشياخنا هكذا يذكرون بحضرة العلماء فهو لا يصدر إلا من جاهل لجواز أن هؤلاء الأشياخ جاهلون بأمر دينهم، أو أكابر استغرقوا في حب خالقهم حتى خرجوا بذلك عن حد التكليف؛ وعلى كلا الاحتمالين لا يصح الاقتداء بهم؛ لأنهم حينئذ لا يصلحون للوراثة ولا


(١) [سورة محمد: الآية ١٩].
(٢) [سورة البقرة: الآية ٢٥٥].
(٣) [سورة الأعراف: الآية ١٨٠].

<<  <   >  >>