للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكعبة وجعل التوجه إليها توجهًا إلى الله سبحانه الذى لا يحدده مكان ولا تخصه جهة من الجهات، ولا يقال: لماذا خص الحجر الأسود بالتقبيل؟ فإن كل مشعر من مشاعر الحج قد خص بمزية تثير شعورًا دينيًّا خاصًّا يليق به في نفس

الحاج فلا يقال: لماذا كان الوقوف، والاجتماع، وتعارف آهل الآفاق مخصوصًا بعرفة دون غيرها من البقاع؟

ومن الاعتقادات التي راجت عند من لا يعرف من الدين إلا رسومه الظاهرة كسوة الكعبة الحريرية المزركشة، فإنها عند العامة في هذه الأزمنة من أعظم شعائر الدين، وإن حرم حضور احتفالها أو رؤيتها بعض علماء الأزهر كالعلامة الباجورى -رحمه الله- وليس هذا التحريم لذاتها، فإنها مشروعة، بل لما في الاحتفال بها من البدع، وما يكون فيها من اختلاط الرجال بالنساء اختلاطًا لا تؤمن فيه الفتنة، وما عليه العوام من اعتقاد البركة فيها، بل وفى جملها الذى يقبل مقوده الأمراء والوزراء وكبار العلماء. وهكذا كل واحد يفهم الدين ويأخذ من كتب الأولين والآخرين ما يناسب استعداده ويقبله عقله {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (١).

وبدعة المحمل المعروف في مصر لا عهد للسلف الصالح به، وإنما هو شيء أحدثته الملكة عصمة الدين الملقبة بـ (شجرة الدر) زوجة الملك الصالح أيوب أحد ملوك الدولة الأيوبية التى أسسها صلاح الدين يوسف الأيوبى سنة ثمان وأربعين وسمتائة هلالية، الموافق خمسين ومائتين وألف ميلادية.

ومن الاعتقادات الباطلة، أن الطفل قد يولد مختونًا، وقد يولد غير مختون، ثم يشاهد بعد أيام مختونًا، والعامة تعتقد أن الملائكة قد ختنته، والحقيقة أن ذلك شلل قد أصاب القلفة فتقلصت وبدت الحشفة وظهر الطفل على هيئة المختون، وليس من الختان في شيء، والقلفة: الجلدة التى تقطع في الختان وجمعها قلف مثل غرفة وغرف، والقلفة بفتحات مثلها والجمع قلف وقلفات كقصبة وقصب وقصبات.

(ومنها): الاعتقاد بأن الجنة ليس فيها ندم ولا حزن أصلًا، قال في باب الفتوح: وليس كذلك، بل ورد أنهم إذا دخلوا الجنة وعرفوا ربهم معرفة زائدة على ما عرفوه في الدنيا زيادة لا تحصى ندموا عن آخرهم على ما قصروا


(١) [سورة آل عمران: الآية ١٠١].

<<  <   >  >>