للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور … " الحديث رواه الترمذى وأبو داود وغيرهما، فإنه يفيد أن ما سنه الخلفاء الراشدون لاحق بسنته صلى اللّه عليه وآله وسلم؛ لأن ما سنوه لا يعدو أحد أمرين: إما أن يكون مقصودًا بدليل شرعى فهو سنة لا بدعة، وإما بغير دليل -ومعاذ اللّه من ذلك- ولكن هذا الحديث دليل على إثباته سنة، إذ قد أثبته كذلك صاحب الشريعة صلوات الله وسلامه عليه فدليله من الشرع ثابت فليس ببدعة. ولذا أردف أتباعهم بالنهى عن البدع بإطلاق ولو كان عملهم ذلك بدعة لوقع فما الحديث التدافع، وبهذا يجاب عن كل ما ظهر على يد بعضهم أو كلهم مما لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كقتل الجماعة بالواحد لأنَّه منقول عن عمر وهو أحد الخلفاء الراشدين، وتضمين الصناع وهو منقول عن الخلفاء الأربعة رضوان اللّه عليهم أجمعين كما سيأتى.

قال في "شرح المختار": روى أسد بن عمرو عن أبى يوسف رحمه الله قال: سألت أبا حنيفة عن التراويح وما فعله عمر، فقال: التراويح سنة مؤكدة ولم يتخرصه عمر من تلقاء نفسه ولم يكن فيه مبتدعًا ولم يأمر به إلا عن أصل لديه وعهد من رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - ولقد سن عمر هذا وجمع الناس على أبى بن كعب فصلاها جماعة والصحابة متوافرون منهم عثمان وعلى وابن مسعود والعباس وابنه وطلحة والزبير ومعاذ وأبيّ وغيرهم من الهاجرين والأنصار رضي الله عنهم أجمعين،

وما رد عليه واحد منهم بل ساعدوه ووافقوه وأمروا بذلك وكان على يستحسن ما فعل عمر في ذلك ويفضله ويقول: نور شهر الصيام. اهـ.

ولزيادة البيان في هذا المقام نقول: إن روايات البخارى المذكورة في هذا الباب لم تبين عدد هذه الصلاة التى صلاها رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم في تلك الليالى وما نقل أنه صلى فيها عشرين ركعة غير صحيح، بل الثابت أنه صلى بهما ثمانى ركعات والوتر. روى ابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما من حديث جابر رضى اللّه عنه قال: "صلى بنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم في رمضان ثمان ركعات ثم أوتر وعن عائشة رضى اللّه عنها قالت: "ما كان رسول الله صلى اللّه عليه وآله وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة" متفق عليه. أخبرت عن الأغلب من

<<  <   >  >>