الصناعي فغير صحيح؛ لثبوته في مسنده، لم يضرب عليه ولم ننزعه منه
كعادته فيما ليس بصحيح عنده أو مردود. بين ذلك أبو موسى المديني عنه
الباني تضعيفه الحديث بأبان، وهو قول لا سلف له فيما أعلم، وقد عارضه
قول من أسلفناه، وقول الترمذي حسن غريب وهما لفظان متغايران، اللهم إلَّا
أن يكون بعض رواته تفرد به، وإن كان كذلك فما أظنه غير أبان، والله تعالى
أعلم، وفي كتاب الطبراني لذلك حديث عمار، ثنا محمد بن الفضل
السقطي، ثنا الحكم بن موسى، ثنا عيسى بن يونس عن جعفر بن الزبير عن
القاسم بن عثمان قال:"رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مستقبل القبلة بعد النهي عن
الغائط أو بول"ولما ذكر الترمذي الأحاديث التي في الباب أغفل حديث ابن
عمر:"إنّما نهى عن ذلك في الفضاء؛ فإذا كان بينك وبين القبلة شيء
يسترك فلا بأس"رواه أبو داود (١) ؛ وقال فيه الحاكم: صحيح على شرط
البخاري، وأما قول ابن حزم: النهي عن ذلك يعني عن استقبال القدس لن
يصح، فمردود أسلفناه من عند البخاري، فلا تستقبل القبلة ولا بيت المقدس،
البيت جمعه بيوت وأبيات. وأبابيت عن سيبويه، مثل فول وأقاويل، وتصغيره
بييت ويبيت أيضا بكسر أوله، والعامة تقول وبت. قاله الجوهري: وقوله:
طهرت بمعنى علوت، وفي بعض الروايات: رقيت بمعنى صعدت، وهو العلو،
قال تعالى: {فما اسطاعوا أن يظهروه} وقال: {ومعارج عليها
يظهرون} أي: يعلون قال النابغة:
بلغنا السماء بابَا وجدودتا وأنّا لنبغي فوق ذلك مطهرا
وأما اللبن مثل كلم، فواحدة لبنة ككلمة، ويقال: لبنة ولبن مثل لبدة
ولبد، قال القزاز: وهو المضروب مرتعَا وكل شيء ربعته فقد لبنته، والملبن هو
الفاعل، وهو الذي يضرب به، وأما الكنيف فهو البناء الذي انتزع من الدور
لقضاء الحاجة، وأصله، الشيء الساتر؛ لأنه يستر ويغطى، أو لأنه كنف في
أستر النواحي؛ ولذلك قالوا للترس كنيفَا، قال لبيدو لا الحجف الكنيف،
ولحظيرة الإِبل كذلك حديث:"أن أبا بكر- رضى الله عنه- أشرف من
(١) حسن. رواه أبو داود في: ١- كتاب الطهارة، باب"٤"، (ح/١١) .