ذكره الزمخشري في أساس البلاغة بقوله: وما بحر وصف به لملوحته، وقد
أبحر المشرب العذب، قال ذو الرمة: بأرض هجان الترب وسميه الثرى غداة
فأت عنها الملوحة والبحر، وفي كلام الجوهري ما يفهم منه خلاف ذلك
لقوله: البحر خلاف البر، سمى بذلك لعمقه واتساعه، والجمع أبحر وبحار
وبحور، وكل نهر عظيم بحر، قال عدي: سره ماله وكثرة ما يملك والبحر
مُعْرضًا والسرير يعق الفرات، وقال الشافعي- رحمه الله تعالى- في كتاب
المناسك وغيره: والبحر الماء العذب والملح، وإليه نجا أبو محمد بن بري في
كتابه المسمى بالتنبيه والإِفصاح عمّا وقع في كتاب الصحاح، الذي أنا بجميعه
الشيخ تاج الدين أحمد بن علي بن وهب المعروف بابن دقيق العيد، إذنًا عن
الفقيه هاء الدين عنه قال: كان الأموي يجعل البحر من الماء الملح فقط،
قال: وسمّى بحرًا لملوحته، يقال: ماء بحر أي ملح، وأما غيره فقال: إنما
سمي بحرًا لسعته وانبساطه، ومنه قولهم: أنّ فلانًا كالبحر أي: واسع
المعروف، فعلى هذا يكون البحر للملح والعذب، وشاهد العذب قول ابن
مقبل: ونحن منا لبحر أن تشربوا به، وقد كان منكم ماؤه بمكان، وقال
جرير أعطوا هتيده بحذوها ثمانية ما في عطائهم من ولا شرف كومًا هارس
مثل الهضب لو وردت ما أنقرأت لكاد ينير (١) ، وقال الكميت إناس: إذا
وردت نحوهم سوادي الغرائب لم يضرب، وقد أجمع أهل اللغة أن اليم هو
البحر، وجاء في التنزيل (فألقيه في اليم) قال أهل التفسير: هو نيل مصر،
وفي كتاب الجمهرة لابن دريد: والعرب تسمى الماء الملح والعذب بحرًا إذا
كثر، وفي التنزيل: (مرج / البحرين يلتقيان) يعني الملح والعذب وفي
كتاب الغريب لابن قتيبة، سئل ابن عباس عن الوضوء بماء البحر فقال. هما
البحران لا تبالي بأيهما توضأت، والله أعلم، وكذا ذكره الأحداني في كتاب
الكفاية التي قرأتها على غلامه، وفيه شيخ مشايخ البلاد أبي حيان عن طهر
قلب في مجلس واحد، وأخبر بها عن الشيخ الصالح المقري سيّد الدين عبد
النصير بن علي الهمداني وغيره، عن أبي الفضل جعفر بن أبي البركات،
(١) قوله: " ينير " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.