للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن كان قد أتى بعيسى مكان شقيق وهما ببيان، فلا يضر ذلك الحديث،

ويكون محمد سمع منهما، أو يكون القول في ذلك قول الوليد ليفسد به

على عبد الحميد، فإن بعضهم- وهو ابن أبي حاتم- يزعم أنَّه ليس بصاحب

حديث، وقال النسائي: ليس بالقوي ويكون أراد ذكر شقيق فوهم إلى

عيسى، والله تعالى أعلم، وتبع ذلك فله أصل في الصحيحين من حديث

الزهري عن عفان بن زيد عن حمران من غير زيادة"ولا تفتروا"وهي في/

صحيح أبي حاتم البستي وقال: نا ابن مسلم، نا عبد الرحمن بعد ولفظه:

قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"من توضأ مثل وضوئي هذا غفر له ما تقدم من

ذنبه" (١) ثم قال عليه السلام:"ولا تغتروا"وفي حديث مسلم:"وكانت

صلاته ومشيه إلى المسجد نافلة" (٢) فوله: واستنشق يعني حر الماء يزيح

الأنف قال الفراء: النشق مصدر نشقت الشيء النشقة بشيقاء إذا أشممته

واسم ما يستنشقه النشوق، والشيء يستنشق وتقول: نشق الرجل بمعنى

استنشق؛ ولذلك قال الملتمس: ولو أن محموما بخيبر مدنفا تنشق رياها لأقلع

صالبه أي: وجد ريحها، وتقول للرجل: استنشق يا فلان هذه الريح، وهذه

ريح مكروهة النشق أي الرائحة ومنه فول رؤبة:

كأنها مستنشق من العزقِ … حرا من الخردل مكروه النشق

وفي الغريبين أي ببلغ الماء خياشيمه، وذكر ابن قتيبة أنّ الاستنشاق

والاستنثار سواء، مأخوذ من النثرة وهي طرف الأنف، ويشبه أن يكون وهم؛

لأنّ أهل اللغة فرّقوا بينهما، وفي نفس الحديث:"فليجعل في أنفه ثم لينثر"

فدلَّ على أنَّ النثر طرح الماء بريح الأنف متبددا وقد أنكر ذلك عليه غير واحد

من الأمة. قوله: إشفار عينيه يعني حروف أشفاره واحدها شفر بضم الشين من

لذا ذكره ثعلب، وذكر ابن قتيبة فتح الشين في أدب الكاتب، وفي الجامع مع

شفير كلّ شيء حدّه، وفي المحكم وشافره أيضا فحكى فيه الضم وأنكره


(١) تقدم ص ٤٧.
(٢) صحيح. رواه مسلم في (الطهارة ح/١٣) والنسائي في الصغرى (٢/١١٢) والبيهقي
في"الكبرى (١/٨٢) والمنذري في"الترغيب" (١/٢٣٩) وأبو عوانة في"صحيحه" (٢/
٧٩) والكنز (١٨٩٥٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>