للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث له، وحبيب لا ينكر لقاؤه عروة لرواية من هو أكبر من عروة وأجل

وأقدم موتا، وهو إمام ثقة من أجلة العلماء. انتهى. ما ذكره وهو مزيل

للانقطاع من صحته إمكان اللقاء فقط، ويؤيده قول أبي داود: روى حبيب

عن عروة حديثا صحيحا.

ولقائل أن يقول: ما قاله أبو داود لا يعطي سماعا؛ لاحتمال أن يكون

الحديث الذي أشار إليه- وهو قوله- عليه الصلاة والسلام-: " اللهم عافني

في جسدي وعافني في بصري " (١) - صحيحا في نفس الأمر لا ضعيفا

كهذا، إذ هو معروف الصحة من خارج فيقال له إنما ذكره أبو داود في هذا

الموطن ردا على من زعم أنه لم يسمع منه، ولولا ذلك لكان كلامه لا فائدة

فيه، وفي قول أبي عمر: حبيب لا ينكر لقاؤه عروة إلى آخره نظر؛ لما علم

من حاله جماعة من الأئمة روى أحدهم عن الكبار، وأرسل عن الصغار هذا

أبو حاتم الرازي يقول في ابن شهاب: لم يسمع من أبان بن عثمان؛ لأنه لم

يدركه، وقد أدرك من هو أكبر منه، ولكن لا نثبت له السماع منه كما أن

حبيب بن أبي ثابت لا يثبت له السماع من عروة، وهو قد سمع ممن هو أكبر

منه غير أن أهل الحديث قد اتفقوا على ذلك، واتفاق أهل لم الحديث على

شيء يكون حجة وأما قوله: ومنهم من قال: ليس هو عروة بن الزبير ففيه

نظر، لما أبلغناه من رواية وكيع المصرح فيها بنسبه عند ابن ماجة والدارقطني،

وأيضا قال أحد من الغرباء يتجاسر على أم المؤمنين بقوله: " من هو إلا أنت؟ "

ويحكى وضوحها غالبا إلا من كان ذا محرم منها، ويزيده وضوحا رواية هشام

له عن أبيه كرواية حبيب. ذكر ذلك الدارقطني في كتاب السنن من رواية

حاجب بن سليمان عن وكيع عنه، وقال: تفرّد به حاجب عن وكيع ووهم

فيه، والصواب عن وكيع بهذا الإسناد: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يُقبل وهو صائم "

وحاجب لم يكن له كتاب، إنما كان يحدّث من حفظه. انتهى.

ولقائل أن يقول: هو تفرد ثقة، وبحديثه من حفظه إن كان أوجب كثرة


(١) حسن. رواه الترمذي (٣٤٨٠) وقال: هذا حديث حسن غريب، والحاكم (١/٥٣٠)
والخطيب (٢/١٣٧) وأمالي الشحري (١/٢٣٣) والأذكار (٣٤٩) ونصب الراية (١/٢٧٠)
وكشاف (٩٣) وابن عدي في " الكامل " (٢/٨١٥) وأحمد (٥/٤٢) والكنز (٣٦٤٢، ٥٠٦٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>