رشدين: قلت لأحمد بن صالح. يحيى يجرى عندك مجرى ابن هانىء في
الثقة؟ قال: نعم، قال: وابن أنعم عندي أكبر من يحيى، ورفع بابن أنعم في
الثقة قلت لأحمد: فمن يتكلم فيه عندك جاهل، قال: من يتكلم في ابن أنعم
ليس بمقبول، ابن أنعم فمن ضعف وهو ثقة صدوق رجل صالح، وقال
يعقوب بن سفيان: ثنا أبو عبد الرحمن المقري ثنا عبد الرحمن بن زياد ليس
به بأس، وقد بيّن الحافظ أبو بكر بن أبي داود- رحمه الله- السبب الموجب
للكلام فيه بقوله: إنما تكلم الناس في ابن أنعم وضعّفوه؛ لأنه روى عن/مسلم
بن يسار فقيل له: أين رأيت مسلم بن يسار؟ فقال: بإفريقية، فكذّبه الناس،
وضعفوه، وقالوا: ما دخل مسلم بن يسار إفريقية قط يعنون البصري ولم
يعلموا أن مسلم بن يسار آخر يقال له: ابن عثمان الطنبرى، وطنبر بطن من
اليمن، وعنه روى، وكان الإفريقي رجلا صالحا، ونحوه ذكره أبو العرب في
كتاب الطبقات وآدابه قول قرأت، ويزيده وضوحا ما ذكره عبد الله بن أحمد
في مسائله: سمعت أبي يقول: الإفريقي عن مسلم بن يسار ليس هو البصري
هذا رجل أراه من ناحية إفريقية يحدّث عن ابن المسيب وسفيان بن وهب
الخولاني والبصري يحدث عنه ابن سيرين وقتادة، وابنه عبد الله بن مسلم هذا
غير ذاك، ونحوه ذكره ابن معين فيما ذكره عنه محمد بن أحمد بن تميم
القيرواني قال الخطيب في كتابه المتفق والمفترق: في قول أحمد: " يحدّث عن
ابن المسيب" نظر، وما أرى الذي يروى عن ابن المسيب إلا مسلم بن أبي
مريم. انتهى كلامه. وفى قول ابن أبي داود: " وطنبر بطن من اليمن " نظر، إنما
هي قرية من قرى مصر من عمل البهنسا. قاله السمعاني والبرهانى وغيرهما،
ويزيده وضوحا ذكر ابن يونس وغيره إياه من أهل مصر، وقال الحافظ أبو بكر
عبد الله بن محمد المالكي في كتابه رياض النفوس: كان الإفريقي من جلة
المحدّثين منسوبا إلى الزهد والورع، صلبا في دينه، متفننا في علوم شتّى،
مشهورا أدخله المولعون في كتبهم، وكان سفيان الثوري: يعظمه ويعرف حقّه
وردّه مكة، ولما ولى القضاء سار بالعدل، ولم يقبل من أحد صلة ولا هدية،
نزه عن ذلك نفسه، فرفع الله قدره وأعلى منارة حتى عزل نفسه عن القضاء،
وذلك هو الصحيح، وقيل: مات وهو على القضاء، وقال العلامة أبو جعفر