للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس عن جدته مليكة، وعن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

لطعام صنعه، فذكر حديث الصلاة على الحصير وخالفه غير واحد، وزعموا ان

الضمير في جدّته يعود على إسحاق لا على أنس، حتى ترجم أبو عمر من

الاستيعاب باسم مليكة جدة إسحاق، ولو استدل رحمه الله تعالى بما ذكره

الحافظ أبو الشيخ بن حيان في الحادي عشر من فوائد العراقين عن أبي بكر

محمد بن جعفر الشقيري ثنا مقدم بن محمد ثنا عمر بن عبيد الله بن عمر

عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال: " أرسلت

جدتي إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واسمها مليكة، فلما حضرت الصلاة فقمت إلى حصيرة

لنا " (١) فذكره فكان أصرح دلالة من جدنه الذي ذكره والله تعالى أعلم، قال

الطحاوي: فلا تعارض بين هذه الأحاديث وبن قوله يدخل الملك على النطفة

بعدما تستقر في الرحم أربعين ليلة؛ لأن ذاك يكون على المني قبل أن يكون

نطفة فما قدر الله تعالى قال أبو عمر: فيه دليل ان النساء ليس كلهن يحتلمن،

ولهذا ما أنكرت عائشة وأم سلمة سؤال أم سليم، وقد يقوم الاحتلام في بعض

الرجال فالنساء أجدر أن يعدم ذلك فيهن، وقد قيل: إن إنكار عائشة لذلك إنما

كان لصغر سنها، وكونها مع زوجها؛ لأنها لم تحض إلا عنده ولم تفقده فقدا

طويلا إلا بموته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قلت: لك لم تعرف في حياته الاحتلام؛ لأن الاحتلام

لا يعرفه النساء ولا أكثر الرجال أي: عند عدم الجماعة بعد المعرفة به فإذا

فقد/النساء أزواجهن احتلمن، والوجه الأوّل عندي أصحّ وأولى؛ لأنّ أم سلمة

فقدت زوجها وكانت كبيرة عالمة بذلك، وأنكرت منه ما أنكرت فدل ذلك

على أن من النساء من لا تنزل الماء في غير الجماع الذي يكون في اليقظة.

انتهى، ولقائل أن يقول: أن أم سلمة لم تمكث بعد زوجها زمانا يتأتى لها فيه

طلب الرجال، لا سيما هي- رضى الله تعالى عنها- وشغلها بالعبادة والصوم

أو تكون قالته إنكارا على أم سليم كونها واجهت بذلك اللفظ المصطفى

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويدل عليه فقالت أم سليم: وغطت وجهها، وفي قوله: تربت يمينك


(١) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (الأذان، باب " ١٦١ ") ومسلم في (المساجد ح/
٢٦٦) ومالك في (السفر، ح/٣١) وأحمد (١/٣٩١، ٣/ ١٠، ٥٢، ٥٩، ١٨٤، ٦/٤٢،
١٣٧، ٢٠٤، ٢٦٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>