بسماع قاسم من أبي وائل، قال الدارقطني: حديث أبي وائل عن المغيرة خطأ،
وبنحوه قاله البرنقي، ويشبه أن يكون قول خزيمة أولاهما وأقربهما إلى الصواب
لصحة إسناده وعدالة راويه، وأنّه لا بُعد في أن يكون أبو وائل رواه عن اثنين،
وأن الاثنين رأيا ما شاهداه من فعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنّ أبا وائل أدَّى الخبرين
عنهما فسمعه منه جماعة فإذا كل ما سمعه وقْد روى فعله ذاك صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جماعة
غير من تقدّم، منهم سهل بن سعد الساعدي، وحديثه عند ابن خزيمة في
صحيحه، وأبو هريرة، وفي حديثه بيان لسبب ذلك؛ وهو خرج بما نصه عند
الحاكم، وقال: رواته كلّهم ثقات، وقال البيهقي: هذا حديث صحيح./وفيما
قالاه نظر؛ لأنّ حماد بن غسان الجعفي راويه عن معن بن عيسى عن مالك
ضعف به الدارقطني هذا الحديث وكذلك البيهقي، وقال: إسناده لا يثبت،
وأبو القاسم بن عساكر في كتابه المسمّى مجموع الرغائب في أحاديث مالك
العرايب وثبت عن عمر وابنه وزيد أنّهم فعلوا ذلك. قاله ابن المنذر، وقيل
أيضا عن علي وسعيد بن عبادة وأنس، وأما قول ابن عساكر في كتاب
الأطراف: رواه ابن ماجه في الطهارة عن إسحاق عن أبي داود عن شعبة عن
عاصم عن أبي وائل وعن إسحاق بن منصور عن أبي داود عن سفيان عن
عاصم عن المغيرة به ولم يذكر أبا وائل، وتبعه على ذلك الحافظ المزني؛ فلم
أر ذلك في عدّة من نسخ ابن ماجة، وليس فيها إلا ما أسلفناه، قال الخطابي:
فعل عليه السلام ذلك ة لأنه لم يجد للقعود مكانا، وعن الشّافعي: كانت
العرب تستشفي لموضع الصلب بالبول قائما، فيرى أنه كان به إذ ذاك، وقال
عياض: كان ذلك لشغله بأمور المسلمين فلعلّه طال عليه المجلس حين حضره
البول ولم يمكنه التباعد كعادته، فأتى السباطة لدمتها، وأقام حذيفة يستره عن
الناس، وفي المعلم: كان ذلك لأنها حالة يؤمن فيها خروج الحدث من السبيل
الآخر، بخلاف القعود، ومنه قول عمر: البول قائما أحصن للدبر الجلوس،
ويحتمل أنه عليه السلام فعل ذلك لبيان الجواز ورفع الحرج، وأما قول
المنذري: أو لعله كان فيها نجاستان رطبة وهي رخوة فخشى أن تتطاير عليه،
فليس ظاهر الكون قائم أجدر بهذه الخشية من القاعد، وقول حذيفة: دعاني،
ظاهر في جواز التكلم على قضاء الحاجة، وزعم بعضهم أن كلامه له