وهذا يدل على خلاف ما قال بعض أهل العلم: إن قول الله تبارك وتعالى:
(الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) الآية.
منسوخة بالمواريث، والآخر: إن الوصايا إذا
جُوِّزَ بها الثلث رُدت إلى الثلث، وهذه الحجة في ألا يُجَاوَزَ بالوصايا الثلث.
وذلك أنه لو شاء رجل أن يقول: إنما أشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على سعد، ولم يعلمه
أنه لا يجوز له أن يوصي بكثر من الثلث، وفي هذا حجة لنا على من زعم أن من لم يدع وارثاً يعرف، أوصى بماله كله، فحديث عمران بن حصين يدل على خمسة معانٍ، وحديث نافع يدل على ثلاثة معانِ كلها في حديث عمران.
الأم (أيضاً) : المكاتب:
قال الشَّافِعِي رحمه الله تعالى: وقال اللَّه - عز وجل -: (إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا) الآية، فعقلنا أنه ترك مالاً؛ لأن المال: المتروك.
وبقوله: (الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) قال: فلما قال اللَّه - عز وجل -: (إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا) الآية.
كان أظهر معانيها بدلالة ما استدللنا به من الكتاب: قوة على اكتساب المال وأمانة؛ لأنه قد يكون قوياً فيكسب، فلا يؤدي
إذا لم يكن ذا أمانة، وأميناً فلا يكون قوياً على الكسب فلا يؤدى.
قال الشَّافِعِي رحمه الله تعالى: ولا يجوز عندي - واللَّه تعالى أعلم - في
قوله: (إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا) الآية، إلا هذا.
الرسالة: الناسخ والمنسوخ الذي تدل عليه السنة والإجماع:
قال الله تبارك وتعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (١٨٠) الآية.