للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما أخبر به على سائر الأديان.

وهل للنّبوّة والرّسالة معنى غير هذا في الاستدلال؟ وماذا بعد الحقّ إلّا الضّلال؟

ثمّ إذا ثبتت نبوّته صلى الله عليه وسلم- وقد دلّ كلام ربّه المنزّل على أنّه خاتم النّبيين، وأنّه مبعوث إلى النّاس أجمعين- ثبت بذلك عموم رسالته، ونسخ شريعته لسائر الشّرائع، لوجوب طاعته واتّباعه على الكلّ: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ [سورة آل عمران ٣/ ٨٥] .

وفي «صحيحي البخاريّ ومسلم» : «مثلي ومثل الأنبياء، كرجل بنى دارا، فأكملها وأحسنها إلّا موضع لبنة فيها، فجعل النّاس يدخلونها ويتعجّبون ويقولون: لولا موضع هذه اللّبنة، فأنا اللّبنة، وأنا خاتم النّبيّين» «١» .

فإن ادّعى مدّع خصوص رسالته إلى العرب فقط، فقد اعترف بنبوّته، والكذب ممتنع على الأنبياء اتّفاقا.

وقد حصل العلم القطعيّ أنّه صلى الله عليه وسلم جاء بكتاب من عند الله، ناطق بعموم رسالته إلى النّاس أجمعين، كقوله تعالى: قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً [سورة الأعراف ٧/ ١٥٨] . وبأنّه ادّعى عموم الرّسالة إلى الأحمر والأسود، والبعيد والقريب: قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ [سورة الأنعام ٦/ ١٩]- أي: من بلغه القرآن-.

/ وتواتر النّقل عنه أنّه صلى الله عليه وسلم دعا اليهود والنّصارى وغيرهم إلى الإيمان، وأرسل كتبه إلى ملوك الفرس والرّوم وغيرهم، وألزمهم


(١) أخرجه البخاريّ، برقم (٣٣٤١- ٣٣٤٢) . ومسلم برقم (٢٢٨٧) . عن أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <   >  >>