للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحديث: لو أنفق أحدكم في سبيل الله مثل (أحد) ذهبا ما بلغ ثوابه ثواب نفقة أحدهم مدّا من طعام ولا نصيفه. قال: وسبب ذلك كون نفقتهم رضي الله عنهم في وقت الضّرورة وضيق الحال، وفي نصرته صلى الله عليه وسلم، وحماية دينه وإعزازه، وكذلك كان جهادهم وسائر طاعاتهم، وذلك معدوم فيمن بعدهم، مع أنّ فضيلة الصّحبة ولو بلحظة لا توازيها فضيلة، ولا تنال درجتها بشيء، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم) «١» انتهى.

والمخاطب بقوله: «لا تسبّوا أصحابي» الأمّة، أو أنّه نزّل السّابّ منزلة من ليس من أصحابه، أو خصّ بالصّحبة السّابقين منهم، كما ورد في سبب الحديث أنّ خالد بن الوليد سبّ عبد الرّحمن بن عوف.

قال العلماء: وإذا ثبت ثناء الله ورسوله عليهم رضي الله عنهم بكلّ فضيلة، والشّهادة لهم بالمناقب الجليلة، فأيّ دين/ يبقى لمن نبذ كتاب الله وراء ظهره، فنسبهم إلى باطل، أيقول هذا الجاهل بأنّ الله- تعالى عمّا يقول الظّالمون علوّا كبيرا- لمّا وصفهم وأثنى عليهم كان جاهلا بما يؤول إليه حالهم، فتبدّل قوله الحقّ باطلا، والصّدق كذبا، أم كان عالما بذلك، ولكنّه خان رسوله بالثّناء على من ليس أهلا للثّناء، ورضي لرسوله المجتبى عنده بصحبة الفاسقين، ومصافاة المنافقين.

كلّا، والله لقد كانوا أحقّ بتلك الفضائل وأهلها. وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً [سورة الأحزاب ٣٣/ ٤٠] .


(١) شرح صحيح مسلم، للنّوويّ، ج ١٦/ ٧٦. بتصرّف من المؤلّف.

<<  <   >  >>