للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكانوا كما وصفهم الله: رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا [سورة الأحزاب ٣٣/ ٢٣] .

اللهمّ إنّا نشهد أنّهم كما وصفتهم من أنّهم خير أمّة، ونثني عليهم بما أثنيت عليهم من الفضائل الجمّة، ونعتقد أنّهم قد قلّدوا رقاب الخاصّة والعامّة المنّة؛ لأنّهم الّذين جاهدوا في الله حقّ جهاده، حتّى قرّروا هذا الدّين، ثمّ حملوه إلى النّاس كما نقلوه، باذلين في ذلك غاية الجهد والنّصح، ونعتقد وجوب تعظيمهم واحترامهم ومحبّتهم، والكفّ عمّا شجر بينهم، وحسن الظّنّ بهم، والإعراض عمّا يورده الإخباريّون عنهم، ممّا لا يسلم من مثله بشر، إلّا من عصمه الله، وهم غير معصومين، وحمل ما صحّ عنهم من الهفوات الّتي هي قطرة كدرة في بحر صاف من محاسنهم على أحسن المحامل، وتأويله بما يليق بجلالة قدرهم، ولا يحرم ذلك إلّا من حرم التّوفيق.

اللهمّ فانفعنا بحبّهم، واعصمنا عن سبّهم، وأحينا على سنّتهم، وتوفّنا على ملّتهم، واحشرنا في زمرتهم، يا أرحم الرّاحمين.

وما أحسن قول صاحب البردة- رحمه الله تعالى- فيهم، [من البسيط] «١» :

ما زال يلقاهم في كلّ معترك ... حتّى حكوا بالقنا لحما على وضم «٢»


(١) البردة، في جهاد النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ص ٣٣- ٣٤.
(٢) الوضم: ما يضع القصّاب اللّحم عليه من خشبة أو نحوها. والمراد هنا: أنّه صلى الله عليه وسلم ما زال يقاتل الكفّار حتّى تركهم قتلى معدّين لأكل السّباع والطّيور لحومهم.

<<  <   >  >>