للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَزَلَ عَلَى الرَّسُولِ قَبْلَ إِظْهَارِ الرَّسُولِ لَهَا) أي لتلك الكلمة (إِذْ كَانَ مَا تَقَدَّمَ مِمَّا أَمْلَاهُ الرَّسُولُ يدلّ عليها) أو يشير إليها (ويقتضي وقوعها) أي في محلها اللائق بها (بقوّة قدرة الكاتب على الكلام) حيث كان من فصحاء الأنام (ومعرفته به) أي بالكلام نظما ونثرا في ترتيب المرام (وجودة حسّه) أي إدراكه ودرايته (وفطنته) أي سرعة فهمه عند سماع روايته ونظير ذلك ما وقع لعمر رضي الله تعالى عنه في موافقته حيث روي أنه لما نزل قوله تعالى وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ الآية فلما بلغ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ قال عمر رضي الله تعالى عنه فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ فقال له النبي عليه الصلاة والسلام كذلك أنزلت (كما يتّفق ذلك للعارف) بأساليب الكلام (إذا سمع البيت) من الشعر (أن يسبق) فهمه لقوته (إلى قافيته) قبل التمام (أو مبتدأ الكلام) أي أو إذا سمع ابتداء الكلام (الحسن) في النثر فإنه يسبق طبعه (إلى ما يتمّ به) أي قبل تمام المرام كما في وَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ وفي إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها (ولا يتّفق ذلك) التوافق (في جملة الكلام) أي مما لا تدل فاتحته عل خاتمته (كما لا يتّفق ذلك في آية) أي كاملة (ولا سورة) أي شاملة؛ (وكذلك) أي يأول (قوله عليه الصلاة والسلام) لعبد الله بن أبي سرح (كلّ صواب) أي كل ما قلته أو كتبته (إن صح) سنده ويروى إن صحت أي أسانيده (فَقَدْ يَكُونُ هَذَا فِيمَا) كَانَ (فِيهِ مِنْ مقاطع الآي) أي رؤوسها وموافقتها ويروى الآيات (وجهان) أي جائزان في صدر الإسلام (وقراءاتان) أي متواتران (أنزلتا جميعا على النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم) إلا أن إحديهما صارت شاذة (فأملى إحداهما وتوصّل الكاتب بفطنته) ببركة صحبته وانعكاس مرآته (ومعرفته بمقتضى الكلام) وما يتعلق بفصاحته وبلاغته (إلى الأخرى) أي قبل ذكر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لها كما في نسخة (فذكرها) أي الكاتب (للنّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم قبل ذكره لها) كما قدمناه على ما يشير إليه قَوْلِهِ تَعَالَى يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ عند ظهور الإيمان يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ كعمر يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ كابن أبي سرح وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ بل له نار في غاية من ظهور والأمور مخبوءة تحت حجب ظلال وستور (فصوّبها) أي القراءة الأخرى (له النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم) بحسب الموافقة (ثمّ أحكم الله من ذلك) أي مما ذكر من عليم حكيم بدل غفور رحيم ونحوه مما تقدم هنالك (ما أحكم) أي أثبته (ونسخ ما نسخ) أي أزاله لحكمه اقتضت هنالك كقوله تعالى (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما) وقوله وبلغوا عنا أنا لقينا ربنا فرضي عنا نزل فيمن قتل ببئر معونة من القرآن ثم نسخ (كما قد وجد ذلك) الاختلاف الآن أيضا (في بعض مقاطيع الْآيِ مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ) أي القوي القادر على ثوابهم وعقابهم (الْحَكِيمُ [المائدة: ١١٨] ) في إرادته من تعذيبه وإثابته

<<  <  ج: ص:  >  >>