بإيجاد العبد لا صنع لله تعالى فيها وقال أهل الحق إنها حاصلة بإيجاد الله تعالى وأحداثه لا بفعل العبد واكتسابه والمسألة معروفة في أصول الكلام (وشبهها من الدّقائق) التي يتوهمون أنها من الحقائق كالقول بقيام العرض بالعرض وأمثال ذلك مما أخذوها من كلام الفلاسفة والحكماء (فالمنع في إكفار المتأوّلين فيها أوضح) أي أظهر وأصح من القول بإكفارهم (إِذْ لَيْسَ فِي الْجَهْلِ بِشَيْءٍ مِنْهَا جَهْلٌ بالله تعالى) أي بذاته وصفاته وفيه بحث إذ الوعد والوعيد والرؤية والكلام والخلق من جملة العلوم المتعلقة بصفاته ولعله أراد أنه ليس جهلا بوجوده على ما سبق في كلامه أو ليس جهلا عظيما مما لا يسامح ولا يساهل فيه ويشير إليه قوله (وَلَا أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى إِكْفَارِ مَنْ جَهِلَ شيئا منها) انتهى ما نقله عن القاضي أبي بكر ثم قال المصنف (وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي الْفَصْلِ قَبْلَهُ مِنَ الْكَلَامِ وصورة الخلاف في هذا) المرام (ما أغنى عن إعادته) في هذا المقام (بحول الله تعالى) ذي الجلال والإكرام.
فصل [هَذَا حُكْمُ الْمُسْلِمِ السَّابِّ لِلَّهِ تَعَالَى وَأَمَّا الذمي الخ]
(هذا) الذي ذكر سابقا (حكم المسلم السّاب) أي المنتقص (لله تعالى وأمّا الذّمّيّ) وهو الكتابي الذي يعطى الجزية (فَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي ذمّيّ تناول) أي تكلم بما لا يجوز اقدامه عليه (من حرمة الله تعالى) أي مما لا يحل الوقوع فيه (غير ما هو عليه من دينه) أي من الكفر كقولهم عزيز ابن الله والمسيح ابن الله ونحوه (وحاجّ) أي جادل (فِيهِ فَخَرَجَ ابْنُ عُمَرَ عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ فَطَلَبَهُ فهرب) وهذا واضح لأنه يتناوله ذلك خرج عن كونه ذميا هنالك (وَقَالَ مَالِكٌ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ وَالْمَبْسُوطَةِ) بالتاء (وابن القاسم في المبسوط وكتاب محمد) أي ابن المواز (وَابْنِ سُحْنُونٍ مَنْ شَتَمَ اللَّهَ مِنَ الْيَهُودِ) سموا بذلك لقولهم هدنا إليك فيهود بمعنى يتوب وقيل لأنهم نسبوا إلى يهوذا بن يعقوب وهو بذال معجمة وعرب بالمهملة (والنّصارى) سموا بذلك لقولهم نحن أنصار الله وقيل لناصرية اسم قرية (بغير الوجه الّذي كفروا) وفي نسخة كفر أي من إثبات الولد والصاحبة والتثليث (قتل ولم يستتب) أي لم تطلب منه التوبة بالإسلام (قال ابن القاسم إلّا أن يسلم) أي بنفسه فلا يقتل على ما سبق في كلامه (قال في المبسوطة طوعا) أي إلا أن يسلم اختيارا لا جبرا (قال أصبغ) إنما يقتل إذا لم يسلم مع أنه ذمي (لِأَنَّ الْوَجْهَ الَّذِي بِهِ كَفَرُوا هُوَ دِينُهُمْ وعليه عوهدوا) أي أعطوا العهد والذمة (من دعوى الصاحبة والشّريك) للنصارى (والولد) لليهود والنصارى وفي أصل الدلجي وغيرها كشرب الخمر وبيعها وضرب الناقوس انتهى ولا يخفى أنها ليست مما كفروا بها (وأمّا غير هذا) الذي عوهدوا عليه (من الفرية) على الله (والشّتم) أي الانتقاص في حقه سبحانه وتعالى (فلم يعاهدوا عليه فهو) أي صدوره عنهم (نقض للعهد) الذي عاهدوا (قال ابن القاسم في كتاب محمد) أي ابن المواز وقال الدلجي لعله ابن سحنون وقال التلمساني وهو ابن المواز فقال نسبة للموز واختلف هل لقي ابن القاسم وابن وهب أو لا والصحيح أنه