للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المساكين (وعن أبي هريرة رضي الله عنه) كما رواه الطبراني في الأوسط بسند ضعيف عنه أنه قال (دخلت السّوق مع النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم فاشترى سراويل) فارسي معرب شابه من كلام العرب ما لا ينصرف معرفة ونكرة (وقال للوزّان) بتشديد الزاء أي وأزن الفضة من الصيرفي وغيره (زن) بكسر الراء (وأرجح) بفتح همز وكسر جيم أي اعطه راجحا على وزنه بالزيادة (وذكر القصّة) أي بطولها ومن جملته، (قال) أي أبو هريرة رضي الله تعالى عنه (فوثب) أي فقام الوزان بسرعة متوجها (إلى يد النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم يقبّلها) بتشديد الموحدة جملة حالية أي حال كونه مريدا لتقبيلها لما رأى فيها من زيادة السخاوة وحسن المعاملة (فجذب يده) أي تواضعا وتباعدا عما يوجب النخوة والعجب والغرور (وقال هذا) أي التقبيل (تفعله الأعاجم) أي أهل فارس (بملوكها) أي ويورثهم كبرا وفخرا ولأصحابهم ذلا (ولست بملك) أي من جنس ملوكهم (إنّما أنا رجل منكم) أي بشر مثلكم أو واحد من جنس عربكم أعاملكم بمعاملة أدبكم وهذا لا ينافي ما ورد عن أنهم كانوا يتبركون به وبآثاره ولا ما ذكره النووي وغيره من أن تقبيل يد الغير إن كان لجاه وغنى فمكروه أو لصلاح وعلم فمستحب (ثمّ أخذ السّراويل) أي من بايعه بعد تسليم ثمنه (فذهبت) قصدت (لأحمله فقال صاحب الشّيء أحقّ بشيئه) أي بمتاعه المختص به (أن يحمله) لأنه أبقى على تواضعه وأنفى لكبره وقد قيل لم يثبت أنه صلى الله تعالى عليه وسلم لبس السراويل لكن اشتراها قيل بأربعة دراهم وفي الاحياء بثلاثة ولم يلبسها وجاء في الهدى لابن القيم من أنه لبسها قالوا وهو من سبق القلم لكن السيوطي صحح لبسه صلى الله تعالى عليه وسلم والله سبحانه وتعالى أعلم هذا وقد ذكر التلمساني أنه أخرج أبو داود الحديث عن سماك بن حرب قال حدثني سويد بن قيس قال جلبت أنا ومخرمة العبدي بزامن هجر فأتينا به مكة فجاءنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يمشي فساومنا بسراويل فبعناه وثم رجل يزن بالأجر فقال له رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم زن وارجح وكذلك ذكر الترمذي الحديث وصححه أبو عمرو في الاستيعاب ثم نقل عن شيخه أن في الحديث فوائد منها الرجحان في الوزن وهو من الورع الظاهر الفضل لأن التطفيف حرام والتحري فيه طول أو شغب تمام والرجحان يقطعه والفضل يظهره قال وفيه رد على أبي حنيفة المانع هبة المجهول قلت إنما نشأ هذا من جهله بمرتبة الإمام وعدم فرقه بين الشائع الحاضر والمجهول الحاضر في هذا المقام والله سبحانه وتعالى أعلم بحقيقة المرام.

فصل [وأما عدله صلى الله تعالى عليه وسلم وأمانته وعفته وصدق لهجته]

(وأمّا عدله صلى الله تعالى عليه وسلم) أي حكمه على وفق الحق ومنهاج الصدق (وأمانته) أي في أداء روايته وقضاء ديانته (وعفّته) أي عما لا يليق بحضرته (وصدق لهجته) أي منطقه وحكايته، (فكان صلى الله تعالى عليه وسلم آمن النّاس) بهمزة ممدودة أعظمهم

<<  <  ج: ص:  >  >>