العسقلاني إنه باطل فإن الحكم بوضعه إنما هو باعتبار ما وصل من سنده لا من حيث مبناه المطابق معناه لما ورد في كتاب الله ولا يبعد أن يكون هذا من علي كرم الله وجهه موقوفا بمضمون ما سمعه عنه صلى الله تعالى عليه وسلم في بعض أحوال متفرقة مرفوعا. (والزّهد حرفتي) يعني أن أرباب الدنيا لأجل تمتعها وانتفاعها كل أحد يتعلق بحرفة من حرفها لتحصيل طرف من طرفها وأنا لقلة ميلي إليها وعدم إقبالي عليها جعلت زهدي عنها كسبي فيها اعتمادا على باريها (واليقين) بجميع مراتبه من علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين (قوّتي) أي قوة قلبي في معرفة ربي وفي نسخة بسكون الواو أي قوة روحي وسبب زيادة فتوحي (والصّدق شفيعي) لما قيل من أن الصدق أنجى ولقوله تعالى والمصنف هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ (والطّاعة حسبي) أي كفايتي في مرضاة ربي، (والجهاد خلقي) بضم وضمتين أي دأبي وعادتي وهو يشمل الجهاد الأكبر والأصغر، (وقرّة عيني في الصّلاة) أي من جملة عباداتي أو من جملة عناياتي بناء على أن المراد بالصلاة العبادة المشهورة أو الدعوة المأثورة (وفي حديث آخر) أي برواية أخرى (وثمرة فؤادي) أي نتيجة معارف قلبي (في ذكره) أي ذكر ربي (وغمّي) أي همي الذي يغمني في كل حالتي (لِأَجْلِ أُمَّتِي: وَشَوْقِي إِلَى رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ) أي في نهاية رتبتي فهذه كلمات جامعة معانيها مطابقة لما في الكتاب والسنة والمصنف ثبت ثقة حجة فحسن الظن به أنه ما رواها إلا عن بينة وإن لم تكن عندنا بينة وأما قول الدلجي قال الأئمة موضوع يحتمل أن يكون باعتبار بعض أفراده بناء على اختلاف إسناده كما بيناه والله أعلم.
فصل [اعلم وفقنا الله تعالى وإياك أن صفات جميع الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام]
أي رابع (اعْلَمْ وَفَّقَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ أَنَّ صِفَاتَ جَمِيعِ الأنبياء) أي نعوتهم عامة (والرّسل) أي خاصة (صلوات الله عليهم) أي كافة (من كمال الخلق) بالفتح وتفسيره قوله (وحسن الصّورة وشرف النّسب) أي مما يقتضي جمال الحسب (وحسن الخلق) بالضم أي السيرة والسريرة والعشرة مع العشيرة، (وجميع المحاسن) أي من الشمائل البهية والفضائل العلية (هي هذه الصّفات) أي المتقدم ذكرها في الفصول الماضية ثم هذه الجملة خبر ان واللام فيه للعهد لا كما توهم الدلجي أنها للاستغراق المبين بمن (لأنّها صفات الكمال والكمال) بالرفع (والتّمام) عطف تفسير كما قال الدلجي إلا أن بينهما فرقا دقيقا وهو أن التمام ما لا يتم الشيء إلا به حتى لو فقد يسمى ناقصا والكمال ليس كذلك لأنه أمر زائد على مقدار التمام فتأمل في مقام المرام (البشري) أي المنسوب إلى جنس البشر جميعهم (والفضل) أي الأمر الزائد على الكمال العرفي (الجميع) مبتدأ خبره (لهم صلوات الله عليهم) والجملة خبر لما قبلها من المبتدءات أي من حيث جميعها فيهم لا في غيرهم ومجموعها حاصل لهم في الجملة بحسب المشاركة وإن كانت تختلف حالهم في مزية المرتبة بل هو المناسب لحال الملك