للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وهل التّجزّي ممتنع على مجرّد التّصديق) أي كما عليه أهل التحقيق (لا يصحّ) أي التجزي وهو قبول الزيادة والنقصان أصلا (فيه) أي في الإيمان (جملة) أي اجمالا بل يحتاج إلى بيانه تفصيلا كما أو ضحه بقوله (وإنّما يرجع) أي التجزي (إلى ما زاد عليه) أي على نفس الإيمان (من عمل) أي وإحسان قول (أو قد يعرض فيه) بكسر الراء ويضم أي يحصل التجزي في التصديق (لاختلاف صفاته وتباين حالاته) أي وتغاير مقاماته وتفاوت درجاته (من قوّة يقين) أي علمي (وتصميم اعتقاد) أي عن دليل قوي (ووضوح معرفة) أي بانضمام مشاهدة (ودوام حالة) أي من غير فتور فيها ولا قصور عنها (وحضور قلب) أي بالغيبة عن غير الرب وهو حال الاطمئنان ومقام الإحسان الذي بينه عليه الصلاة والسلام بقوله الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه ولا شك أن مقام الإحسان وأحكام الأركان من أحكام الإيمان وكمال الاتقان لأن الإيمان يقبل الزيادة والنقصان على هذا الوجه كما حققناه في شرح الأربعين ودققناه في شرح الفقه الأكبر بتوفيق المعين (وفي بسط هذا) أي المبحث الشريف (خروج عن غرض التّأليف) لأن المقصود منه اداء حقوق صاحب الاصطفاء بمتابعته على وجه الاستيفاء (وفيما ذكرنا غنية) أي استغناء عن تطويله (فيما قصدنا) أي أردنا (إن شاء الله تعالى) أي إن كان على وفق إرادته سبحانه وتعالى.

فصل [وَأَمَّا وُجُوبُ طَاعَتِهِ فَإِذَا وَجَبَ الْإِيمَانُ بِهِ وتصديقه فيما جاء به]

(وأمّا وجوب طاعته) أي اطاعة النبي عليه الصلاة والسلام في حكومته واتباع شريعته (فَإِذَا وَجَبَ الْإِيمَانُ بِهِ وَتَصْدِيقُهُ فِيمَا جَاءَ به) مجملا (وجبت طاعته) أي مطلقا وهو جواب الشرط (لأنّ ذلك) أي وجوب طاعته (ممّا أتى به) أي من جملة ما جاء به من الدين بالضرورة (قال الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ) [الأنفال: ٢٠] ذكر الله تحسين وتزيين وتوطئة وتنبيه على أن طاعته في طاعة رسوله صلى الله تعالى عليه وسلم بشهادة إفراد الضمير في قوله ولا تولوا عنه أي عن رسوله وبدليل قوله تَعَالَى مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ أو يقال إفراد الضمير إيماء إلى أن الطاعتين متلازمتان أو الضمير إلى كل واحد منهما والأظهر أن المعنى أطيعوا الله تعالى فيما أنزل من كتابه والرسول فيما أوحي إليه من خطابه في مقام ايجابه (وَقَالَ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ) [آلِ عِمْرَانَ: ٣٢] ولم يقل وأطيعوا الرسول لما سبق من تلازم الطاعتين وتداوم الحالتين وأما حيث قال أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ كما في نسخة صحيحة فللإشارة إلى استقلاله بالطاعة فيما ثبت عنه بالسنة وضبط الشريعة (وَقَالَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [آلِ عمران: ١٣٢] أي بإطاعتهما ومتابعة شريعتهما (وقال وَإِنْ تُطِيعُوهُ [النور: ٥٤] ) أي نبي الخلق (تَهْتَدُوا) أي إلى الحق (وَقَالَ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ) [النساء: ٨٠] لأنه المبلغ والآمر في الحقيقة وهو الله وقد نزلت الآية في المنافقين حين قال النبي عليه الصلاة والسلام من أحبني فقد أحب

<<  <  ج: ص:  >  >>