للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقِسْمُ الثَّالِثُ [فِيمَا يَجِبُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم وما يستحيل في حقه وما يمتنع]

(فيما يجب للنّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم) أي يثبت له ولا بد له من وقوعه (وَمَا يَسْتَحِيلُ فِي حَقِّهِ أَوْ يَجُوزُ عَلَيْهِ وما يمتنع) أي مع إمكان وجوده (أَوْ يَصِحُّ مِنَ الْأَحْوَالِ الْبَشَرِيَّةِ أَنْ يُضَافَ إليه قال تعالى وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ أي من جملة الرسل لا من الملائكة الذين لا يموتون إلا عند النفخة الأولى (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) أي مضوا وانقرضوا أو بعضهم ماتوا وبعضهم قتلوا واستمر دينهم في أممهم وسيخلو محمد كمن قبله (أَفَإِنْ ماتَ) أي محمد (أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ) [آل عمران: ١٤٤] وهمزة الإنكار التوبيخي منصبة على الانقلاب وفي الآية الإيماء إلى موت الناس حتى الأنبياء وتمام الآية من ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وإنما يضر نفسه حيث يجحد ربه وسيجزي الله الشاكرين أي الثابتين على دينهم والصابرين على يقينهم كأنس بن النضر عم أنس بن مالك فإنه لما قيل له في أحد إلا أن محمدا قد قتل يا قوم إن كان محمد صلى الله تعالى عليه وسلم قتل فإن ربه حي لا يموت وما تصنعون بالحياة بعده قاتلوا على ما قاتل عليه ثم قال اللهم إني أعتذر إليك مما يقولون وأبرأ منه ثم شد بسيفه فقاتل حتى قتل (وقال) أي الله سبحانه (مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ) أي لا ألوهية لها ولا نبوة وإنما هي كثيرة الصدق والتصديق بالحق (كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ) [المائدة: ٧٥] وهو مما ينافي الربوبية ولذا قيل هو كناية عن يبولان ويغوطان فهما محتاجان إلى الله أولا ومفتقران إلى دفعه ثانيا (وقال (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ) أي أحدا (مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ) أي أن شأنهم (لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ) [الْفَرْقَانِ: ٢٠] (وَقَالَ تعالى قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) أي لا أدعي أني ملك وإنما أتميز عنكم بأني (يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فمحمّد صلى الله تعالى عليه وسلم وسائر الأنبياء) أي وباقيهم عليهم السلام (من البشر) أي من جنس بني آدم وهو أبو البشر وسموا بشرا لظهور جلودهم إذ البشرة ظاهر الجلد (أرسلوا إلى البشر) أي من نوعهم (ولولا ذلك) أي التناسب بأن كان أرسل إليهم الملائكة (لما أطلق النّاس مقاومتهم) أي لما استطاعوا مقابلتهم وملابستهم لضعف البنية البشرية وقوة القدرة الملكية فقد ورد أن جبريل قلع قرى قوم لوط من أصولها على جناحه ثم قلبها أي جعل عاليها سافلها وصاح بثمود صيحة فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ ورأى إبليس يكلم عيسى

<<  <  ج: ص:  >  >>