للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أشهد أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لابنه جزاك الله عن رسوله وعن المؤمنين خيرا (وقد قيل إن قائل مثل هذا) القول مما يشبه قول ابن أبي واضرابه وفي نسخة ويدل عليه أيضا أن قائل هذا (إن كان مستترا به) من الاستتار وفي نسخة متسترا من التستر فهما مأخوذان من الستر ومعناهما مختفيا قال التلمساني وروي مستسرا من السر وهو خلاف العلانية (أنّ حكمه حكم الزّنديق يقتل) أي كفرا لأحدا ولا يستتاب أصلا قال التلمساني وقد استدل من قال بقبول توبة المستسر بكفره بما جاء في الصحيح من حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله قال الخطابي قوله وحسابهم على الله يعني فيما يستسرون به قال وفيه دليل على أن الكافر المستسر بكفره لا يتعرض له إذا كان ظاهر حاله الإسلام وأن توبته مقبولة وإذا أظهر الإنابة من كفر علم بإقراره أنه كان يعتقده قبل قال وهم مقول أكثر العلماء وقال مالك لا تقبل توبة المستسر بكفره (ولأنّه غيّر دينه) فصار مرتدا (وقد قال صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ غَيَّرَ دِينَهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ) رواه أحمد والبخاري والأربعة لفظ من بدل دينه فاقتلوه فلعله نقل بالمعنى أو رواية بالمبنى (ولأنّ) الشأن (لحكم النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم في الحرمة) أي الاحترام والعظمة (مزيّة) أي زيادة رتبة (على أمّته وسابّ الحرّ) أي من يسب حرا (من أمّته) ذكرا أو أنثى (يحدّ) أي يغرر على ما هو المقرر إلا أن يكون قذفا فيحد (فكانت العقوبة لمن سبّه عليه الصلاة والسلام القتل) وهذا أمر مجمع عليه في عقوبته وإنما الخلاف في قبول توبته وذلك (لعظيم قدره) أي علو مرتبته عن أمته (وشفوف منزلته) أي زيادتها (على غيره) من خلق الله سبحانه وتعالى والشفوف بضم الشين المعجمة والفاء الأولى من الشف بالكسر وهو الزيادة.

فصل (فَإِنْ قُلْتَ فَلِمَ لَمْ يَقْتُلِ النَّبِيُّ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم اليهوديّ الّذي قال له)

أي للنبي وحده أوله لمن معه (السّام عليكم) أي الموت أو الملل والمعنى متم أو مللتم (وهذا دعاء عليه) أي بالموت أو الملل وهو السامة من الطاعة أو الملالة من الحياة والراحة والحديث رواه البخاري وغيره ولقد فطنت عائشة إذ كانت اليهود يمرون فيقولون السام عليك يا أبا القاسم فقالت عليكم السام والذام واللعنة ومن ثمة قال صلى الله تعالى عليه وسلم إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم يعني الذي يقولونه لكم ردوه عليهم قال الخطابي عامة المحدثين يروون وعليكم بواو العطف وكان ابن عيينة يرويه بغير واو وهو الصواب لإيذانه برد ما قالوه عليهم خاصة وإثباتها يؤذن بالاشتراك معهم فيه لأنها لمطلق الجمع انتهى

<<  <  ج: ص:  >  >>