راهويه (يقتل في الأربعة) بدون استتابة (وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ إِنْ لَمْ يَتُبْ فِي الرّابعة) أي من مرات الردة (قُتِلَ دُونَ اسْتِتَابَةٍ وَإِنْ تَابَ ضُرِبَ ضَرْبًا وَجِيعًا وَلَمْ يَخْرُجْ مِنَ السِّجْنِ حَتَّى يَظْهَرَ عليه خشوع التّوبة) أي آثار صحتها وأنوار ندامتها قال الدلجي وهو عجيب لمخالفة قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ انتهى ولا يخفى أن ليس في الآية نص على خلاف ذلك وإنما هي مطلقة قابلة للتقييد إذا وجد دليل مخصص يظهر للمجتهد وكفى بإسحاق إماما مجتهدا وإماما نسب إلى أصحاب أبي حنيفة رحمه الله تعالى فهو غير مشهور عنهم ففي قاضيخان رجل ارتد مرارا وجدد الإسلام في كل مرة وجدد النكاح فعلى قول أبي حنيفة تحل له امرأته من غير اصابة الزوج الثاني لأن عنده الردة لا تكون طلاقا واباء الزوج عن الإسلام يكون طلاقا وعلى قول أبي يوسف ردته وإباؤه لا يكون طلاقا وعند محمد كلاهما طلاق وردة المرأة واباؤها لا يكون طلاقا وتقع الفرقة عند عامة العلماء بردتها وعند البعض لا تقع وأجمع أصحابنا أن الردة تبطل عصمة النكاح فتقع الفرقة بينهما بنفس الردة وعند الشافعي لا تقع الفرقة إلا بقضاء القاضي (قال ابن المنذر ولا نعلم أحدا) من العلماء (أوجب على المرتدّ في المرّة الأولى) من ردته (أدبا إذا رجع) بنفسه عنها إلى الإسلام (وهو) أي عدم وجوب الأدب على المرتد إذا رجع مبنى (على مذهب مالك والشّافعيّ والكوفيّ) يعني به أبا حنيفة لأنه الفرد الأكمل لا سيما من علماء الكوفة.
[فصل (هذا حكم من ثبت عليه ذلك)]
الكفر (بما يجب ثبوته) أي يعتبر وجوده (من إقرار) ممن صدر عنه (أو عدول) أي شهادة عدلين أو أكثر (لم يدفع فيهم) أي لم يطعن في حقهم (وأمّا) وفي نسخة فأما (من لم تتمّ الشّهادة عليه) لنقص كمية أو صفة (بما شهد عليه الواحد) ولو عدلا (أو اللّفيف) أي الطائفة الملتفة أو الجماعة المختلفة (من النّاس) المتهمين في العدالة (أو ثبت قوله) بإقراره أو بشهادة مقبولة (لكن احتمل) قوله تأويلا (ولم يكن صريحا) في كونه كفرا (وكذلك) الحكم أي مطلقا لا حكم من لم تتم الشهادة عليه كما توهم الدلجي لأنه يدفعه قوله (إن تاب على القول) المنقول عن مالك برواية الوليد بن مسلم (بقبول توبته) كما عليه الجمهور (فهذا) أي ما ذكر من الشيخين (يدرأ عنه القتل) يحتمل كونه مبنيا للفاعل أو المفعول أي يدفع عنه (ويتسلّط عليه اجتهاد الإمام) في تعزيره وتشهيره (بقدر شهرة حاله وقوّة الشّهادة عليه) أي على مقاله (وضعفها وكثرة السّماع عنه) لما صدر منه (وصورة حاله من التّهمة في الدّين والنّبز) بفتح النون وسكون الموحدة فزاء أي ومن دعائه وندائه بلقب السوء (بالسّفه) أي خفة العقل (والمجون) بضمتين أي وبعدم المبالاة في أمور الديانات وفي نسخة الفجور فإن المعاصي تزيد الكفر (فمن قوي أمره) أي وضعف قدره (أذاقه) الإمام (من شديد) وروي من شر (النّكال) بفتح النون أي العقوبة والوبال (من التّضييق في السّجن