للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستاذ أبي القاسم القشيري تعقب على الحصري وأعاد على القفال المروزي في درس الحصري ثم سلك طريق التصوف حتى صار إنسان وقته وسيد عصره توفي ذي الحجة سنة خمس وأربعمائة قال فيما يرويه عنه صلى الله تعالى عليه وسلم من أكرم غنيا لغناه ذهب ثلثا دينه وذكر فيه حكمة ذكرها السبكي في الطبقات.

فصل [وأما الشجاعة والنجدة]

(وأمّا الشّجاعة) بفتح أولها معروفة (والنّجدة) بفتح نون فسكون جيم فدال مهملة بمعنى الشجاعة على مقالة الجوهري وقيل الإغاثة والإعانة وفرق المصنف بينهما بقوله (فالشّجاعة فضيلة قوّة الغضب) أي زيادتها (وانقيادها) أي مطاعة تلك القوة ومتابعتها (للعقل) أي لتقع على ما ينبغي من النعوت الآدمية وهو احتراز عن الصفة السبعية والبهيمية ولا بد من قيد انقيادها للشرع لتكون من الأوصاف البهية. (والنّجدة ثقة النّفس) أي وثوقها بربها واعتمادها على خالقها (عند استرسالها) أي إشرافها وطلبك إرسالها (إلى الموت) أي حال تثبتها من ابتدائها إلى زمان انتهائها باختياره إلى حد فنائه وزوال بقائه (حيث يحمد فعلها) أي عقلا ونقلا (دون خوف) أي من غير خوف لها يمنعها عما هي بصدده من كمالها والحاصل أن النجدة قوة تنشأ عن الشجاعة لا أنها غيرها في أصلها، (وكان صلى الله تعالى عليه وسلم منهما) أي من الشجاعة والنجدة وروي منها فالضمير لكل منهما (بالمكان) أي بالمحل (الذي لا يجهل) وبيانه قوله (قد حضر المواقف الصّعبة) بفتح فسكون أي الشديدة كبدر واحد وحنين وغيرها (وفرّ) أي هرب (الكماة) بضم كاف وتخفيف ميم جمع كمي بفتح فكسر فتشديد أي شجاع مكمي في سلاحه إذ قد كمى نفسه وسترها بدرعه وبيضته كأنه جمع كام كقاض وقضاة (والأبطال) بفتح الهمزة جمع بطل بفتحتين وهو الشجاع والمغايرة بينهما من حيث الستر وعدمه أو الثاني أبلغ والمعنى ولوا مدبرين (عنه) أي عن مساعدته صلى الله تعالى عليه وسلم (غير مرّة) أي مرات كثيرة وإن كان قصد بعضهم الكرة بعد الفرة (وهو ثابت) أي بقلبه وقدمه (لا يبرح) بفتح الياء والراء أي لا يزول عن مكانه (ومقبل) على شانئه وشأنه بكمال الإقبال (لا يدبر) أي لا ينوي الإدبار ولا التحول والانتقال (ولا يتزحزح) أي ولا يتبعد عن مواجهة الكفار والجمل المنفية أحوال مؤكدة لما قبلها والمعنى أنهم فروا عنه حال ثباته وإقباله على أعدائه، (وما شجاع) بتثليث أوله والضم أشهر أي ما وجد أحد شجيع من شجعان العرب والعجم (إلّا وقد أحصيت له فرّة) على صيغة المجهول أي ضبطت له ولو مرة واحدة من الفرار والهزيمة (وحفظت عنه جولة) بفتح جيم وسكون واو أي تردد ونفرة (سواه) أي غيره صلى الله تعالى عليه وسلم وعدم الفرار لكماله في مقام الوقار والقرار. (حدّثنا أبو عليّ الحيّانيّ) بفتح الحاء المهملة وتشديد التحتية وفي آخره نون ثم ياء النسبة وهو الحافظ الغساني وقيل بكسر الجيم والظاهر أنه تصحيف (فيما كتب لي) أي من هذا الحديث ونحوه مقرونا بالإجازة له مع إمكان السماع منه (حدّثنا القاضي سراج)

<<  <  ج: ص:  >  >>