موحدة وكسر مهملة مقصورا وممدودا وقد رواها ابن سعد عن نفيسة بنت منبه (حين استحلف) أي بحيرا (النبي صلى الله تعالى عليه وسلم باللّات والعزّى إذ لقيه) أي بحيرا (بالشّام) أي في قريب منها (فِي سَفْرَتِهِ مَعَ عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ وَهُوَ) أي النبي عليه السلام (صبيّ) أي غير بالغ (ورأى) أي بحيرا (فيه علامات النّبوّة فاختبره بذلك) أي فامتحنه بحيرا بذلك الاستحلاف (فقال له النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لا تسألني بهما) أي باللات والعزى (فو الله ما أبغضت شيئا قطّ بغضهما) أي مثل بغضهما (فقال له بحيرا فبالله) أي فأسألك بالله أن لا أقول شيئا (إِلَّا مَا أَخْبَرْتَنِي عَمَّا أَسْأَلُكَ عَنْهُ؛ فَقَالَ سل عمّا بدا) بالألف أي ظهر (لك) الحديث (وكذلك المعروف من سيرته عليه الصلاة والسلام وتوفيق الله تعالى له) أي في تحقيق مراعاة شرائع الأحكام (أنّه كان قبل نبوّته يخالف المشركين) أي من قبيلة قريش (في وقوفهم) أي عشية عرفة (بمزدلفة في الحجّ) أي معللين بأنهم من خواص الحرم المحترم فلا يخرجون بالكلية من الحرم خلافا لغيرهم حيث كانوا يفقون بعرفات وهذا مبنى قوله تعالى ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ وقوله فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ (فكان يقف هو) أي النبي عليه الصلاة والسلام مخالفا لقومه (بعرفات) أي مراعاة لسابقة شرائع الأحكام (لأنّه) أي موضع عرفات (كان موقف إبراهيم عليه السلام) بل وموقف سائر الأنبياء من آدم وغيره عليهم الصلاة والسلام وقد بينت هذه المسألة في رسالة مستقلة والله تعالى أعلم.
فصل [قال القاضي أبو الفضل قد بان مما قدمناه عقود الأنبياء في التوحيد والإيمان]
(قال القاضي أبو الفضل رضي الله تعالى عنه) يعني المصنف (قد بان) أي ظهر (بما قدّمناه عقود الأنبياء) أي ما عقد عليه قلوبهم (في التّوحيد والإيمان) أي الإجمالي قبل الوحي والتفصيلي بعده (والوحي) أي الجلي والخفي (وعصمتهم في ذلك) أي عما ينافي ما هنالك (على ما بيّنّاه) أي فيما قررناه وحررناه، (فأمّا ما عدا هذا الباب) بالنصب أو الجر أي غير باب التوحيد وما يتعلق به من التفريد (من عقود قلوبهم) أي ثبوتها ورسوخها (فجماعها) بكسر الجيم أي ما اجمع عليه أو جملتها (أنّها) أي قلوبهم (مملوءة علما ويقينا) أي مقرونين (على الجملة) أي من غير تفصيل في المسألة (وأنّها) أي قلوبهم (قد احتوت) أي اشتملت (من المعرفة) أي في الجزئيات (والعلم) في الكليات (بأمور الدّين) أي جميعها (والدّنيا) مما يحتاج إليه (ما لا شيء فوقه) أي شيئا لا مزيد عليه (ومن طالع الأخبار واعتنى بالحديث) أي اهتم بالآثار (وتأمّل ما قلناه وجده) أي مطابقا لما ذكرناه (وقد قدّمنا منه في حقّ نبيّنا صلى الله تعالى عليه وسلم في الباب الرّابع أوّل قسم) أي في أول قسم (من هذا الكتاب) أي في فصل ذكر معجزاته في أواخر القسم الأول (ما ينبّه على ما وراءه) أي من فصل الخطاب (إلّا أنّ) أي لكن (أحوالهم في هذه المعارف تختلف) أي بحسب اختلاف متعلقاتها؛ (فَأَمَّا مَا تَعَلَّقَ مِنْهَا بِأَمْرِ الدُّنْيَا فَلَا يشترط فِي حَقِّ الْأَنْبِيَاءِ الْعِصْمَةُ مِنْ عَدَمِ مَعْرِفَةِ الأنبياء ببعضها) كما