فصل [ومن خصائصه عليه الصلاة والسلام وكراماته وباهر آياته أنباؤه مع الملائكة]
(ومن خصائصه عليه الصلاة والسلام) أي خصوصياته في حالاته (وكراماته وباهر آياته) أي غالب معجزاته (أنباؤه) بفتح الهمزة أي أخباره الواقعة له (مع الملائكة والجنّ وإمداد الله) أي إعانته (له بالملائكة) أي المقربين كما في وقعة بدر وحنين (وطاعة الجنّ له) كجن نصيبين (ورؤية كثير من أصحابه لهم) أي للملائكة والجن وهذا إجمال يتبين لك بعد تفاصيل أحواله. (قال الله تعالى: وَإِنْ تَظاهَرا) بتشديد الظاء وتخفيفها والخطاب لعائشة وحفصة أي وإن تتعاونا (عَلَيْهِ) أي على النبي بما يسؤه لديه من الافراط في الغيرة لكثرة ميلهما إليه (فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ) أي ناصره (وَجِبْرِيلُ [التحريم: ٤] ) بكسر الجيم وفتحها (الآية) أي وصالح المؤمنين كأبي بكر وعمر والملائكة أي بقيتهم بعد ذلك أي بعد نصره سبحانه وتعالى ظهير أي مظاهرون له (وقال تعالى إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا [الأنفال: ١٢] ) أي بأني معكم معينا لهم (وقال إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ) أي بمناجاتكم ومناداتكم يا غياث المستغيثين اغثنا أعنا على أعدائنا وعن عمران رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم رأى الكفار ألفا وأصحابه ثلاثمائة أي في بدر فرفع يديه مستقبلا يقول اللهم انجز لي ما وعدتني اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض فما زال يهتف بربه حتى سقط رداؤه فقال أبو بكر يا نبي الله حسبك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك (فَاسْتَجابَ لَكُمْ) أي ربكم (أَنِّي مُمِدُّكُمْ [الأنفال: ٩] ) أي بأني معاونكم (الآيتين) أي بألف من الملائكة مردفين بكسر الدال أي متتابعين وبفتحها أي يردف بعضهم ببعض وكان الظاهر أن يقول الآية ولعله أراد إشارة بالآيتين من السورتين أي الأنفال وآل عمران وهي قوله تعالى إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ فيكون الإيماء إلى القصتين من بدر وأحد حيث وقع الوعد في الثاني مقيدا بشرط الصبر ولما فقد فقد المدد والنصر ولا يبعد أن يراد بالآيتين قوله إِذْ يُوحِي وقوله إِذْ تَسْتَغِيثُونَ بل هو الأظهر فتدبر، (وقال وَإِذْ صَرَفْنا) أي أملنا ووجهنا (إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ) أي جن نصيبين (يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ [الأحقاف: ٢٩] الآية) أي فلما حضروه نهضوا قالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ الآيات هذا وقد ورد أنه لما حرست السماء نهضوا فوافوا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بوادي النخلة منصرفه يقرأ في صلاة الصبح فاستمعوا قراءته وأما حديث ابن مسعود أنه حضر معه ليلة الجن فثابت أيضا كما بينته في محله وسيأتي أيضا تقرير بعضه. (حدّثنا سفيان بن العاصي) كذا بالياء والأظهر أنه بلا ياء فإنه معتل العين لا اللام كما قدمنا (الفقيه) سبق ذكره (بسماعي عليه) أي في حضوري لديه (حدّثنا أبو اللّيث السّمرقنديّ) أي من أئمة الحنفية (ثنا عبد الغافر الفارسيّ)