ثم الحياء محمود فيما يجب على الإنسان توقيه أو يكره له فعله ومذموم فيما يؤدي إلى ترك الواجب أو السنة.
فصل [وأما حسن عشرته وآدابه]
(وأمّا حسن عشرته) أي معاشرته ومخالطته مع أمته ولو لم يكونوا من عشيرته (وأدبه) الأدب طبيعي وهو ما جبل عليه الإنسان من الأخلاق السنية والأوصاف الرضية وكسبي وهو ما يكتسب من العلوم الدينية والأعمال الأخروية وصوفي وهو ضبط الحواس ومراعاة الانفاس ووهبي وهو حصول العلم اللدني وما يتعلق به من الكشف الغيبي وهو يجوز رفعه عطفا على المضاف وجره على المضاف إليه وهو الأحسن لحصول تسلط الحسن عليه وكذا قوله، (وبسط خلقه) أي نشر أخلاقه صلى الله تعالى عليه وسلم ومجمل حسن الخلق هو بسط المحيا وبذل الندا وتحمل الأذى وكمال الصدق والاتصاف بأخلاق الحق (مع أصناف الخلق) أي ليتوصل به إلى انقيادهم لدينه (فبحيث) بالفاء جواب أما أي فهو بمحل (انتشرت) أي كثرت واشتهرت (به) أي بما ذكر من الأمور الثلاثة (الأخبار الصّحيحة) وكذا الآثار الصريحة منها خبر الترمذي في شمائله (قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فِي وَصْفِهِ عليه الصّلاة والسّلام) أي في جملة ما منحه من الصفات الحميدة والنعوت السعيدة (كان أوسع النّاس صدرا) أي لا يمل ولا يضجر في الاحتمال مما يرد عليه من الأحوال واختلاف الخلق في الأقوال والأفعال وفي أصل الدلجي كان أجود الناس صدرا قال أي قلبا وفي رواية أوسع الناس صدرا وقال التلمساني أجود بخط المؤلف وأوسع بتصحيح العرفي انتهى لكن النسخ المعتمدة والأصول المصححة على ما قدمناه وهو الموافق لقوله تعالى أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وقوله تعالى أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وفسر الشراح بمعنى الانشراح والانفساح وقد ورد هو نور يقذفه الله في قلب من يشاء من عباده فسئل هل لذلك من علامة فقال التجافي عن الدنيا والإقبال على العقبى والاستعداد للموت قبل نزوله (وأصدق النّاس لهجة) بفتح فسكون ويفتح أي وكان أصدقهم لسانا وبيانا وفيه وضع الظاهر موضع المضمر إشعارا بأن الناس هم الصادقون في الأنفاس (وألينهم عريكة) أي وكان أسهلهم طبيعة سلسا منقادا هينا مطواعا (وأكرمهم عشرة) أي صحبة وخلطة. (حدّثنا أبو الحسن عليّ بن مشرّف) بفتح الراء المشددة (الأنماطيّ) بفتح فسكون نون (فيما أجازنيه وقرأته على غيره قال ثنا) أي حدثنا (أبو إسحاق الحبّال) بفتح مهملة وتشديد موحدة محدث مصر (حدّثنا أبو محمّد) بالتنوين أبدل منه (ابن النّحّاس) بتشديد الحاء المهملة يعني به عبد الرحمن بن عمر بن محمد ابن سعيد بن إسحاق بن إبراهيم بن يعقوب النحاس المصري (ثنا ابن الأعرابيّ) أحد من رويت سنن أبي داود عنه (حدّثنا أبو داود) أي السجستاني صاحب السنن (ثنا هشام) أي ابن خالد بن يزيد وقيل زيد بن مروان (بن مروان) أي الأرزق الدمشقي (ومحمّد بن المثنّى) على