للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في حقها وبسببها يحصل سفك الدماء (ومصالح الدّنيا) أي في جهتها من حفظ الأموال والدماء (وإن كان) أي الفساد (أيضا قد يدخل في أمور الدنيا) بالتبعية (مِنْ سَبِيلِ الْحَجِّ وَالْجِهَادِ، وَفَسَادُ أَهْلِ الْبِدَعِ معظمه) أي أكثره واقع (على الدّين) وإن كان يتفرع عليه أيضا فساد في الدنيا كما بينه بقوله (وقد يدخل) أي الفساد (في أمر الدّنيا بما يلقون) بضم الياء والقاف أي يغرون (بين المسلمين من العداوة) والبغضاء وقد حرم الله الخمر والميسر لهذه العلة كما قال تعالى إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ فالعلة مركبة مفيدة لقتل أهل البدعة ولكن المرتبة المعتدلة ما صدر عن علي إمام الأئمة وتبعه جمهور علماء الأمة أنهم يقتلون حال المحاربة أو وقت خروجهم للدعوة وأما إذا أخذوا أو كانوا منفردين غير مجتمعين على الفساد فلا يقتل أحد منهم وهذا جمع حسن وهو اسلم والله سبحانه وتعالى أعلم.

فصل [فِي تَحْقِيقِ الْقَوْلِ فِي إِكْفَارِ الْمُتَأَوِّلِينَ قَدْ ذكرنا مذاهب السلف وإكفار أصحاب البدع والأهواء]

(في تحقيق القول في إكفار المتأوّلين) أي في تكفيرهم (قد ذكرنا مذاهب السّلف) أي اختلاف مقالهم (في إكفار أصحاب البدع) الفاسدة (والأهواء) الكاسدة (المتأوّلين) للكتاب والسنة (ممّن قال) أي بعض المبتدعة (قولا يؤدّيه) بهمز ويبدل أي يوصله (مساقه) أي مرجعه ومآله (إلى كفر هو) أي المبتدع (إذا وقف عليه) بصيغة المجهول أي إذا اطلع على حقيقة أمره (لا يقول بما يؤدّيه قوله إليه) وذلك لأنه بحسب اجتهاده وقع عليه وذلك كما إذا قال المعتزلي إن الله عالم ولكن لا علم له فقيل له قولك هذا يؤدي إلى نفي أن يكون الله عالما إِذْ لَا يُوصَفُ بِعَالِمٍ إِلَّا مَنْ لَهُ علم يقول هو نحن لا نقول أنه ليس بعالم فإنه كفر وقولنا لا يؤدي إلى ذلك على ما هو أصلنا وكقول من قال منهم إن الله لا يريد الفحشاء مأولا له بأن إرادة القبائح ويجاب بأنه سبحانه منزه على أن يقع في ملكه إلا ما شاء (وعلى اختلافهم) أي على اختلاف مراتب المبتدعة وتفاوت المسألة المخترعة وقال الدلجي أي على اختلاف السلف (اختلف الفقهاء والمتكلّمون في ذلك) أي في تكفيرهم (فَمِنْهُمْ مَنْ صَوَّبَ التَّكْفِيرَ الَّذِي قَالَ بِهِ الجمهور من السّلف ومنهم من أباه) أي التكفير (ولم ير إخراجهم من سواد المسلمين) أي عمومهم (وهو قول أكثر الفقهاء) كأبي حنيفة والشافعي وغيرهما (والمتكلّمين) أي أكثرهم من الأشعرية والماتريدية (وقالوا) أي الجمهور من الطائفتين وفي نسخة وقال أي من أباه وما بينهما معترضة (هم) أي المبتدعة (فسّاق) بعلمهم وهو بضم الفاء وتشديد السين جمع فاسق (عصاة) باعتقادهم وهو جمع عاص (ضلّال) في اجتهادهم وهو بضم فتشديد جمع ضال (ونوارثهم) بالنون وفي نسخة بالياء (من المسلمين) قال التلمساني وروي توارثهم مصدرا أقول والظاهر أنه تحريف وتصحيف (ونحكم لهم) بالوجهين وفي نسخة بصيغة المجهول الغائب (بأحكامهم) أي بأحكام سائر المؤمنين مما لهم وعليهم في أمور الدنيا والدين وفي

<<  <  ج: ص:  >  >>