للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تفصيل هذه القصة (أو السّهو أو النّسيان) مع أنهما ثابتان عنه إلا أنه إنما يكفر لأجل التعيير وسبب التحقير (أو السّحر) أي بالسحر وهو ظاهر في الكفر أو (ما أصابه) أي وبما نابه (من جرح) بضم الجيم ويفتح أي جراحة مع أنه عليه الصلاة والسلام كسرت رباعيته وشج وجهه فكفر القائل إنما هو لتعييره به وتنقيصه بسببه وكذا قوله (أو هزيمة لبعض جيوشه) فإنه هزم بعض أصحابه في أحد وحنين (أَوْ أَذًى مِنْ عَدُوِّهِ أَوْ شِدَّةٍ مِنْ زمنه) أي على وجه التعيير به (أو بالميل إلى نسائه) ففي العالم في قوله تعالى أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ قال ابن عباس والحسن ومجاهد جماعة المراد بالناس رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وحده حسدوه على ما أحل الله له من النساء وقالوا ما له هم إلا النكاح قاله تعالى:

فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً كداود وسليمان فإنه كان لسليمان ألف امرأة ثلاثمائة مهرية وسبعمائة سرية وكان لداود عليه السلام مائة امرأة ولم يكن يومئذ لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إلا تسع نسوة انتهى وقد صرح بعض علمائنا أن من تزوج أربعا وتسرى ألفا وعيره أحد وذمه به يكفر لأنه بمنزلة تحريم ما أحل الله سبحانه وتعالى (فَحُكْمُ هَذَا كُلِّهِ لِمَنْ قَصَدَ بِهِ نَقْصَهُ الْقَتْلُ وَقَدْ مَضَى مِنْ مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي ذلك) أي من اختلافهم هنالك هل يستتاب أم لا (ويأتي ما يدلّ عليه) من الجواب على وجه الصواب.

فصل (فِي الْحُجَّةِ فِي إِيجَابِ قَتْلِ مَنْ سَبَّهُ أو عابه صلى الله تعالى عليه وسلم)

من الكتاب والسنة وإجماع الأمة (فمن القرآن لعنه تعالى) أي لعن الله كما في نسخة (لمؤذيه) أي لمؤذي نبيه (في الدّنيا والآخرة) ظرف لعنه (وقرانه تعالى) أي وجمعه سبحانه (أذاه) أي أذى رسول (بأذاه) أي بأذى نفسه (وَلَا خِلَافَ فِي قَتْلِ مَنْ سَبَّ اللَّهَ) أي عمدا من غير خطأ واكراه وإنما الخلاف في أنه هل يستتاب أم لا (وأنّ اللّعن) أي الطرد الكلي من رحمة الله تعالى (إنّما يستوجبه من هو كافر) وأما ما ورد من لعن أصحاب الكبائر وأرباب الصغائر كقوله عليه الصلاة والسلام لعن الله آكل الربا ونحوه ولعن الله المحلل والمحلل له وأمثاله فهو لعن دون لعن والحاصل أن اللعن المطلق ينصرف إلى الفرد الاكمل وأغرب الدلجي في هذا المحل حيث قال بخلاف المؤمن فإن لعنه كقتله كما ورد وفي رواية لعنه فسوف إذ ليس الكلام فيمن لعن مؤمنا بل الكلام فيما إذا وقع لعن الله على أحد فإنه إن لم يكن مؤمنا فهو كافر وأما إذا وقع على مؤمن فالمراد زجره (وحكم الكافر القتل) إذ لم يكن معصوم الدم (فقال) أي اللَّهُ تَعَالَى (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [الأحزاب: ٥٧] ) وقد سبق بيان أذاهما وقيل ذكر الله تعالى تعظيم وتمهيد لذكره عليه الصلاة والسلام (الآية) أي لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ أي أبعدهم من رحمته الخاصة فيهما وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً وحجابا مبينا (وقال) أي الله تعالى (في قاتل المؤمن مثل ذلك) أي نظير ما هنالك حيث قال تعالى وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً

<<  <  ج: ص:  >  >>