مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً لكن اللعن الموجب للكفر إنما يكون إذا استحل قتل المؤمن أو قتل لكونه مؤمنا وإلا فهو محمول على الزجر كما أن خالدا مأول بمدة مديدة (فمن لعنته في الدّنيا القتل) إما قصاصا وإما حدا (قال الله تَعَالَى) لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أي شك وشبهة والمرجفون في المدينة بالأخبار السيئة لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ أي لنسلطنك عليهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا أي زمانا قليلا فهددهم بالبعد عن حضرة حبيبه وعدم المجاورة في مكان قربه الموجب للبعد عن رحمته والطرد من جنته وهذا معنى قوله (مَلْعُونِينَ) بالنصب على الحال (أَيْنَما ثُقِفُوا) أي وجدوا وأدركوا (أُخِذُوا) أي أمسكوا (وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا [الأحزاب: ٦١] ) أي أشد أنواع القتل ليعتبر غيرهم ويقوموا بحق النبي كما يجب له توقيرا وتبجيلا (وقال) أي الله (في المحاربين) أي قطاع الطريق على سيارة المسلمين (وذكر عقوبتهم) بقوله إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أن اقتصروا على القتل أو يصلبوا أن جمعوا بين أخذ المال وقتل النفس أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أن اقتصروا على أخذ المال أو ينفقوا من الأرض بالإخراج أو الحبس إن اقتصروا على الإخافة (ذلِكَ) أي ما ذكر من قتل وغيره (لَهُمْ خِزْيٌ) أي ذل وفضيحة (فِي الدُّنْيا [المائدة: ٣٣] ) وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وحاصله أن اللعن قد يجيء بمعنى القتل على أن صاحب اللعن يستحق القتل (وقد يقع القتل بمعنى اللّعن قال: قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ [الذاريات: ١٠] ) أي لعن الكذابون المقدرون المفترون (وقاتَلَهُمُ اللَّهُ) أي اليهود والنصارى وأمثالهم (أَنَّى يُؤْفَكُونَ [المنافقون: ٤] ) أي كيف يصرفون عن الحق مع ظهور أمره وعلو نوره (أي لعنهم الله تعالى) أي أبعدهم عن مقام حضوره (ولأنّه) أي الله تعالى (فرق بين أذاهما) والتقدير لأن الله سبحانه وتعالى فرق بين إذاهما أي أذى الله ورسوله بأن في اذاهما الكفر والقتل وفي أذى المؤمنين القتل والضرب بحسب اختلاف الأذى حيث قال تعالى وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً (وفي أذى المؤمنين ما دون القتل) أي أن لم يكن الأذى بالقتل ونحوه مما يستحق القتل (من الضّرب والنّكال) أي العقوبة التي هي العبرة لغيره في الاستقبال (فكان حكم مؤذي الله ونبيّه) بخصوصه أو عموم جنسه (أشدّ من ذلك) أي من أذى المؤمنين (وهو) أي حكمه الأشد (القتل) لمؤذيهما والكفر في متنقصيهما (وقال لله تعالى فَلا أي فليس الأمر كما يزعمون (وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ) أي يجعلوك حكما (فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ [النساء: ٦٥] ) أي فيما اختلفوا فيما بَيْنَهُمْ (ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً الآية) أي ضيقا وشكا مما قضيت أي حكمت بينهم سواء لهم أو عليهم ويسلموا تسليما أي ينقادوا انقيادا تاما لحكمك ظاهرا وباطنا دائما (فسلب) أي نفي الله (اسْمَ الْإِيمَانِ عَمَّنْ وُجِدَ فِي صَدْرِهِ