حرجا من قضائه) بعدم انقياده (ولم يسلم له) أمره بإذعانه وفق مراده (ومن تنقّصه فقد ناقض هذا) أي عارض ما يجب عليه من أنه لم يجد من نفسه حرجا من قضائه كيف ما جاء واسعا أو ضيقا (وقال الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ) تعظيما لقدره وتكريما لأمره وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ (إلى قوله أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ [الحجرات: ٢] ) ومن المعلوم أن مجرد رفع الصوت فوق صوته لا يبطل العمل فإن المعاصي سواء الكبائر والصغائر لا تبطل الحسنات عند أهل السنة والجماعة وإنما يبطلها الكفر وهو لا يكون إلا إذا تضمن وفع الصوت خفض حرمة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم واستخفاف منصبه وهذا معنى قوله (ولا يحبط العمل إلّا الكفر) بمجرد تحققه ولو رجع إلى الإسلام عند أكثر علماء الأعلام (والكافر يقتل) بالارتداد بعد استتابته أو بدونها على خلاف لأرباب الاجتهاد (وقال الله تعالى وَإِذا جاؤُكَ) أي اليهود والمنافقون (حَيَّوْكَ) أي سلموا عليك (بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ [المجادلة: ٨] ) أي بلفظ لم يأمر الله تعالى به فيقولون السام عليك والسام الموت ويقولون في أنفسهم أي في صدروهم أو فيما بينهم من حجورهم لولا يعذبنا الله بما نقول وأقول قد عذبهم الله تعالى بعين المقول وأن لم يدركوه بالعقول (ثمّ قال حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ) أي كافيهم عذابها في العقبى ولو أمهلناهم لحكمة في الدنيا (يَصْلَوْنَها) أي يدخلونها ويحرقون بها ويخلدون فيها (فَبِئْسَ الْمَصِيرُ [المجادلة: ٨] ) أي المرجع هي لهم ولأمثالهم في مآلهم (وقال تعالى وَمِنْهُمُ) أي من المنافقين (الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ [التَّوْبَةِ: ٦١] ) بضمتين وبسكون ثانيه الجارحة المعروفة والمراد به هنا المستمع القائل لما يقول له كل أحد قال تعالى ردا عليهم قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ أي نعم هم اذن ولكن نعم الأذن هم يؤمن بالله أي بجوده ووجوده يؤمن للمؤمنين أي يقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم ورحمة للذين آمنوا خاصة وللخلق عامة (ثمّ قال: يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ [التَّوْبَةِ: ٦١] ) وعقاب مقيم (وقال تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ) أي المنافقين وهم سائرون معه في غزوة تبوك عن قولهم في حقه انظروا هذا الرجل يريد أن يفتح قصور الشام وحصونه بالتمام هيهات هيهات من هذا المرام (لَيَقُولُنَّ) في مقام الإنكار على وجه الاعتذار (إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ [التوبة: ٦٥] ) فيما يخوض فيه الركب ليقصر السفر ويخف التعب قل أبا لله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون لا تعتذروا باعتذاراتكم الكاذبة (إلى قوله: قَدْ كَفَرْتُمْ سرا (بَعْدَ إِيمانِكُمْ [التوبة: ٦٦] ) ظاهرا (قَالَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ كَفَرْتُمْ بِقَوْلِكُمْ فِي رَسُولِ الله صلى الله تعالى عليه وسلم) ما لا يليق بجنابه المكرم (وأمّا الإجماع فقد ذكرناه) وهو أقوى الحجج في مقام النزاع (وأمّا الآثار) أي الأحاديث والأخبار (فَحَدَّثَنَا الشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ محمد بن غلبون) بفتح معجمة وسكون لام وهو منصرف وقد يمنع على مذهب أبي علي الفارسي كما قدمناه (عن الشّيخ أبي ذرّ الهرويّ) بفتح الهاء ويكسر (إِجَازَةً قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ