للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكفّر أحدا من النّصارى واليهود) يعني المقلدين منهم وكذا المجوس على ما يلوح كلام بعضهم.

وأن نار بالتنزيل محراب مسجد ... فما نار بالإنجيل هيكل بيعه

وأن عبد النار المجوس وما انطفت ... كما جاء في الأخبار عن ألف حجه

فما عبدوا غيري وما كان قصدهم ... سواي وإن لم يظهروا عقدنيه

نعم لا شك أن الكل يزعمون أنهم يعبدون الله ويطلبون رضاه كما أخبر الله عن بعضهم ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ لكنهم اضلهم الله وأبعدهم عن طريق الحق الموصل إلى الله كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ وأكثرهم في طغيانهم يعمهون صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ (وكلّ) أي وبالإجماع على كفر كل (من فارق دين المسلمين) بردة قولا وفعلا (أو وقف) أي توقف (في تكفيرهم) أو في الدين (أو شكّ) أي تردد فيه (قال القاضي أبو بكر) أي الباقلاني (لأن التّوقيف) أي بالسماع من الله ورسوله (والإجماع اتّفقا عَلَى كُفْرِهِمْ فَمَنْ وَقَفَ فِي ذَلِكَ فَقَدْ كذّب النّصّ) أي نص الكتاب (والتّوقيف) به من السنة على الصواب (أَوْ شَكَّ فِيهِ وَالتَّكْذِيبُ أَوِ الشَّكُّ فِيهِ) أي في كفرهم (لا يقع) كل منهما (إلّا من كافر) .

فصل (فِي بَيَانِ مَا هُوَ مِنَ الْمَقَالَاتِ كُفْرٌ وَمَا يُتَوَقَّفُ أَوْ يُخْتَلَفُ فِيهِ وَمَا لَيْسَ بكفر)

وهذا فصل مهم يتعين معرفته على كل من له فضل ليكون اعتقاده على اساس أصل يوصله إلى كمال وصل (اعْلَمْ أَنَّ تَحْقِيقَ هَذَا الْفَصْلِ وَكَشْفَ اللَّبْسِ) أي إزالة الخلط والشبهة (فيه مورده الشّرع) أي النقل من الكتاب والسنة (ولا مجال) أي لا مدخل (للعقل) والطبع (فيه) من الأدلة الكاسدة والأقيسة الفاسدة (والفصل البيّن) أي الفرق الواضح (في هذا) الفصل (أنّ كلّ مقالة صرّحت بنفي الرّبوبيّة) كالمعطلة (أو الوحدانيّة) كالوثنية (أو عبادة أحد غير الله) كالاتحادية (أو مع الله) كالحلولية (فهي كفر) أي مقالة كفر (كمقالة الدّهريّة) بنفي الألوهية كما أشار إليه قوله تعالى وَقالُوا ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ وهو الزمان الطويل ولم يعلموا أن المتصرف في الأمر هو الله لا الدهر ولهذا قال عليه الصلاة والسلام لا تسبوا الدهر فإن الدهر هو الله وفي رواية فإن الله هو الدهر ردا لاعتقادهم نسبة الخير والشر إلى الدهر (وسائر فرق أصحاب الاثنين) أي القائلين بأن خالق الخير غير خالق الشر وقد قال تعالى لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ وقد بينهم المصنف بقوله (من الدّيصانيّة) بكسر الدال المهملة وتفتح وهم يقولون النور حي والظلمة ميت (والمانويّة) بفتح الميم وسكون الهمزة ويبدل وفتح النون وفي أصل الحجازي المنائية بفتح الميم وتشديد النون وفي نسخة المانية منسوب إلى ماني زنديق مشهور ظهر في زمان شابور بن أردشير وادعى النبوة وقال إن للعالم أصلين قديمين نور هو مبدأ الخير وظلمة هو مبدأ الشر فصدقه

<<  <  ج: ص:  >  >>