للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بخلاف حديث أكثر أهل الجنة البله فإن المراد بهم من ليس لهم عقل الدنيا ولهم إقبال كلي على العقبى (وَمُقَلِّدَةِ النَّصَارَى وَالْيَهُودِ وَغَيْرِهِمْ لَا حُجَّةَ لِلَّهِ عليهم إذا) وفي نسخة إِذْ (لَمْ تَكُنْ لَهُمْ طِبَاعٌ يُمْكِنُ مَعَهَا الاستدلال) وهذا كلام باطل لاقتدارهم في الجملة على معرفة أوائل الأدلة ولقوله تعالى قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ ففيه إيماء إلى أن المدار على المشيئة الإلهية لا بالإدلة العقلية ولا النقلية (وقد نحا) أي مال (الغزاليّ) بتشديد الزاء وتخفيفها نسبة إلى غزالة قرية من قرى طوس أو إلى بنت كعب الأحبار فإنها جدته وقيل كان والده غزالا يغزل الصوف ويبيعه (قريبا) وروي إلى قريب (من هذا المنحى) أي المسلك (في كتاب التّفرقة) وهو صاحب المؤلفات الفائقة وهو الإمام حجة الإسلام ولد بطوس بلد بخراسان لا بالعراق كما قاله التلمساني سنة خمسين وأربعمائة وتفقه ببلده على أحمد بن محمد الرادكاني ثم سافر إلى جرجان إلى أبي نصر الإسماعيلي فكتب عنه العقلية ثم خرج إلى طوس ثم ارتحل إلى إمام الحرمين بنيسابور فاشتغل عليه ولزمه وصار إماما في مذهب الشافعي فلما انقضت أيام الإمام خرج من نيسابور فجال في أقطار خراسان مدة وقدم بغداد سنة أربع وثمانين فولي تدريس النظامية بها ثم حج واستناب أخاه في التدريس ورجع إلى دمشق واستوطنها عشر سنين بجامعها بالمنارة الغربية منه واجتمع بالشيخ نصر المقدسي في زوايته التي تعرف اليوم بالغزالية وأخذ في العبادة والتنصيف ويقال إنه صنف الأحياء وعدة من الكتب هنالك ثم انتقل إلى القدس ثم سار إلى مصر والإسكندرية ثم رجع إلى بغداد وعقد بها مجلس الوعظ وترجمته كثيرة ومرتبته شهيرة توفي سنة خمس وخمسمائة عن خمس وخمسين سنة بطوس لا ببغداد كما ذكره الحلبي وغيره وعن الشيخ تقي الدين بن تيمية أنه ذكر في شرح العقيدة الأصفهانية كان أبو حامد مزجي البضاعة في الحديث ولهذا يوجد في كتبه من الأحاديث الموضوعة ما لا يعتمد عليه من له علم بالآثار ويوجد فيها من مقالات المتفلسفة ما نقده عليه علماء الإسلام حتى قال صاحبه أبو بكر بن العربي مع شدة تعظيمه له شيخان أبو حامد دخل في بطن الفلاسفة ثم أراد أن يخرج منها فما قدر انتهى وقال أبو بكر ابن العربي لقيت أبا حامد وهو يطوف عليه مرقعة فقلت يا شيخ العلم والتدريس أولى لك من هذا إذ بك يقتدي ويحكمك إلى معالم المعارف يهتدي فقال هيهات لما طلع قمر السعادة في فلك الإرادة أشرقت شموس الأفول على مصابيح الأصول فتبين الخالق لأرباب الألباب وذوي البصائر إذ كل لما طبع عليه راجع وصائر وأنشد:

تركت هوى ليلى وأني بمعزل ... وصرت إلى مصحوب أول منزل

ونادتني الأكوان حتى أجبتها ... ألا أيها الساري رويدك فأنزل

فعرست في دار الندا بعزيمة ... قلوب ذوي التعريف عنها بمعزل

غزلت لهم غزلا رقيقا فلم أجد ... لغزلي نساجا فكسرت مغزلي

وهي أبيات لرومية (وقائل هذا كلّه) كالجاحظ وثمامة (كَافِرٌ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى كُفْرِ مَنْ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>