للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منصور البغدادي من الشافعية أن الصحيح من المذهب أنه يعتبر خلاف داود قال الشيخ وهو الذي استقر عليه الأمر آخرا فإن الأئمة المتأخرين أوردوا مذهب داود في مصنفاتهم قال والذي أجيب به أن داود يعتبر قوله ويعتد في الإجماع إلا فيما خالف فيه القياس الجلي وما أجمع عليه القياسيون وبناه على أصوله التي قام الدليل القاطع على بطلانها فاتفاق من سواه على خلافه إجماع منعقد وقول المخالف حينئذ خارج من الإجماع وذكر الذهبي في الميزان أن داود اراد الدخول على الإمام أحمد فمنعه وقال كتب إلى محمد بن يحيى في أمره أنه زعم أن القرآن محدث فلا يقربني فقيل يا أبا عبد الله أنه يتقي من هذا وينكره فقال محمد بن يحيى أصدق منه (وقال) أي الباقلاني (وحكى قوم عنهما) أي عن داود والعنبري (أنّهما قالا ذلك) أي تصويب المجتهدين في أصول الدين (فِي كُلِّ مَنْ عَلِمَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مِنْ حاله استفراغ الوسع) أي بذل طاقته واجتهاده (في طلب الحقّ) وإن أخطأ (من أهل ملّتنا أو من غيرهم) هذا باطل قطعا لأن غير أهل ملتنا كل منهم يدعي من حاله استفراغ التوسع في طلب الحق وكماله لا سيما أهل الكتاب وقد أخبر الله أنهم وغيرهم اجمعون كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (وقال نحو هذا القول) المنسوب إليهما (الجاحظ وثمامة) بضم المثلثة وكلاهما من المعتزلة قال الحلبي أما الجاحظ فهو الكناني الليثي البصري العالم المشهور صاحب التصانيف المشهورة في كل فن قال المسعودي ولا نعلم أحدا من الرواة وأهل العلم وأكثر كتبا منه وله مقالة في أصول الدين وإليه تنسب الفرقة الجاحظية من المعتزلة وكان تلميذ أبي إسحاق إبراهيم بن يسار البلخي المتكلم المشهور ومن أحسن تصانيفه كتاب حياة الحيوان الكبير فقد جمع فيه كل غريبة وكتاب البيان والتبيين وهو كبير جدا وكتاب في اللصوصية يعلم فيه الشخص كيف يسرق وينقب ويتسلق ويدخل البيوت في مجلد وكتاب في مدح البخل بحيث الناظر فيه يجلس اليوم واليومين لا يأكل شيئا ويبقى أياما لا تطيب نفسه باخراج شيء وكان الجاحظ مع فضله مشوه الخلق قيل له الجاحظ لأن عينيه كانتا جاحظتين والجحوظ النتوء وأصابه في آخر عمره فالج فكان يطلي شقه الأيمن بالصندل والكافور من شدة الحرارة وشقه الآخر لو قرض بالمقاريض لما احس به وأصابه الحصى وعسر البول توفي سنة خمس وخمسين ومائتين بالبصرة وقد نيف على التسعين وأما ثمامة فهو ابن أشرس النميري قال الذهبي في الميزان من كبار المعتزلة ومن رؤوس الضلالة كان له اتصال بالرشيد ثم بالمأمون وكان ذا نوادر وملح قال ابن حزم كان ثمامة يقول إن العالم فضله الله بطباعه لأن المقلدين من أهل الكتاب وعباد الأصنام لا يدخلوا النار بل يصيرون ترابا وأن من مات مصر على كبيرة خلد في النار وأن أطفال المؤمنين يصيرون ترابا انتهى ولا يخفى أنه بقوله صاحب الكبيرة مخلد في النار مبتدع موافق للخوارج والمعتزلة وبقوله المقلد للكفار لا يدخل النار دخل في جملة الكفرة (في أنّ كثيرا من العامّة) أي الجهلة (والنّساء والبله) بضم الباء جمع أبله أي المغفلون عن الشر المطبوعون على الخير وكأنه أراد بهم من لم يكن لهم عقل الآخرة

<<  <  ج: ص:  >  >>