للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مما كان يخل ظاهر (عَلَى لِسَانِهِ وَجَوَارِحِهِ مَا لَا يَلِيقُ بِهِ) من هذيانات المرضى وخرافاتهم واختلاف حالاتهم (كما يعتري غيره من البشر) ممن نزل به شيء منها من شدة الألم وقوة الضرر (ممّا نأخذ بعد) أي نشرع بعد هذا (في بيانه) أي في بيان شأنه وتبيين برهانه.

فصل [فَإِنْ قُلْتَ فَقَدْ جَاءَتِ الْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام سحر]

(فإن قلت فقد) ويروى قد (جاءت الأخبار الصّحيحة) والآثار الصريحة (أنّه صلى الله تعالى عليه وسلم سحر) أي أثر عليه السحر (كما حدثنا الشّيخ أبو محمّد العتّابي) بفتح العين وتشديد المثناة فوق وبعد الألف موحدة فياء نسبة (بقراءتي عليه قال حدثنا حاتم بن محمد) وهو الطرابلسي (حدثنا أبو الحسن عليّ بن خلف) وهو الحافظ القابسي المعافري القروي (حدثنا محمّد بن أحمد) وهو أبو يزيد المروزي (حدثنا محمّد بن يوسف) وهو الفربري (حدثنا البخاريّ) وهو الإمام محمد بن إسماعيل صاحب الصحيح (حدثنا عبيد بن إسماعيل) أي الهباري يروي عن ابن عيينة وطبقته (قال حدثنا أبو أسامة) هو الحافظ حماد الكوفي يروي عن الأعمش وغيره وعنه أحمد وإسحاق وابن معين وكان حجة عالما أخباريا عنده ستمائة حديث عن هشام بن عروة عاش ثمانين سنة وتوفي سنة إحدى ومائتين أخرج له الأئمة الستة (عن هشام بن عروة عن أبيه) سبق الكلام عليهما (عن عائشة رضي الله عنه قالت سحر رسول الله صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ فعل الشّيء) وفي رواية الفعل أي من الجماع وغيره (وما فعله) جملة حالية وهذا الحديث ساقه القاضي كما ترى من عند البخاري وقد أخرجه مسلم أيضا فهو حديث متفق عليه كما سيأتي قريبا في كلام المصنف (وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى حَتَّى كَانَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أنّه كان يأتي النساء ولا يأتيهنّ) أي يظن أنه واقعهن والحال أنه لم يجامعهن (الحديث) قال الحكيم الترمذي ولما سحر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم حتى عجز عن نسائه وأخذ بقلبه لبث في ذلك ستة أشهر فيما روي في الخبر ثم نزلت المعوذتان انتهى كذا في تفسير البغوي وسيأتي عن عائشة أنه لبث سنة قال عبد الرزاق حبس عنها خاصة حتى أنكر بصره قال ابن الملقن في شرح البخاري في تفسير قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ورواية ثلاثة أيام أو أربعة أيام هو أصوب وسنة بعيد أقول ولعله عليه الصلاة والسلام كان سحره شديدا عليه في تلك الأيام ثم خف عنه إلى نصف سنة ولم يتعارف منه إلا بعد كمال سنة (وَإِذَا كَانَ هَذَا مِنَ الْتِبَاسِ الْأَمْرِ عَلَى المسحور فكيف حال النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم في ذلك) الوقت المذكور (وكيف جاز عليه) أي السحر وأن يكون في مقام موهوم (وَهُوَ مَعْصُومٌ فَاعْلَمْ وَفَّقَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ أَنَّ هذا الحديث) الذي أسندناه إلى عائشة (صحيح متّفق عليه) لا شبهة لديه (وقد طعنت فيه الملحدة) أي الطائفة الملاحدة الزائغة بالعقيدة الفاسدة (وتذرّعت) بذال معجمة من الذريعة توسلت (به) إلى التشكيكات الكاسدة وفي نسخة بدال مهملة أي تسلحت به لإظهار الحجج الداحضة الشاردة (لسخف عقولها) بضم السين

<<  <  ج: ص:  >  >>