من ربهم السعة ولا دفع المضرة نظرا إلى كمال حسن مآلهم (فقدموا على ربّهم) راضين بقضائه صابرين على بلائه شاكرين على نعمائه (فأكرم مآبهم) أي مرجعهم إليه (وأجزل) أي أعظم (ثوابهم) لديه (فأجدني أستحي) بياءين وفي نسخة بياء واحد أي فأرى نفسي مستحيية (إن ترفّهت) أي لو تنعمت (في معيشتي أن يقصّر بي) بتشديد الصاد المفتوحة (غدا دونهم) أي دون مرتبتهم وتحت درجتهم وهمتي أن أكون فوق جملتهم (وَمَا مِنْ شَيْءٍ هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ اللّحوق بإخواني) أي في الجملة (وأخلائي) أي أحبائي في الملة. (قالت فما أقام) أي في الدنيا (بعد) بالضم أي بعد قوله ذلك (إلّا شهرا حتّى توفّي صلى الله تعالى عليه وسلم) غاية لإقامته أي إلى أن مات وانتقل إلى رحمة ربه وهذا يدل على اختياره الفقر في جميع أمره إلى آخر عمره قال الدلجي رحمه الله تعالى لم أدر من روى هذا الحديث لكن روى ابن أبي حاتم في تفسيره عنها قالت ظل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم صائما ثم طواه ثم ظل صائما ثم طواه ثم ظل صائما قال يا عائشة إن الدنيا لا تنبغي لمحمد ولا لآل محمد يا عائشة إن الله تعالى لم يرض من أولي العزم من الرسل إلا بالصبر على مكروهها والصبر عن محبوبها ولم يرض مني إلا أن يكلفني ما كلفهم فقال فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ قفاها وإني والله لأصبرن كما صبروا جهدي ولا قوة إلا بالله قال التلمساني هنا مسألة وهي من قال ما لي صدقة على أعقل الناس فأفتى الفقهاء على أنه يعطى الزهاد لأن العاقل من طلق الدنيا وأنشدوا:
طلق الدنيا ثلاثا ... وأطلبن زوجا سواها
إنها زوجة سوء ... لا تبالي من أتاها
أنت تعطيها مناها ... وهي تعطيك قفاها
فإذا نالت مناها ... منك ولتك وراها
فصل [وأما خوفه صلى الله تعالى عليه وسلم من ربه عز وجل]
أي ثالث (وأمّا خوفه ربّه) معمول للمصدر المضاف إلى فاعله وفي نسخة من ربه (وطاعته له) أي كمال انقياده في جميع حالاته (وشدّة عبادته) أي كمية وكيفية (فعلى قدر علمه بربّه) أي بمقدار معرفته بعظمته (ولذلك) أي لكون ما ذكر على قدر علمه (قال) أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (فيما حدّثناه) أي في جملة ما رواه لنا (أبو محمّد بن عتّاب) بتشديد التاء الفوقية (قراءة منّي) أي بين أقراني (عليه) ففيه دلالة على تسوية إطلاق الحديث على القراءة والسماع (قال ثنا) أي حدثنا (أبو القاسم الطّرابلسيّ) بضم الموحدة واللام (ثنا أبو الحسن القابسيّ) بكسر الموحدة (ثنا أبو زيد المروزيّ ثنا أبو عبد الله الفربريّ) بكسر ففتح فسكون (ثنا محمّد بن إسماعيل) أي البخاري صاحب الصحيح. (ثنا يحيى بن بكير) بالتصغير روى عن مالك والليث قال أبو حاتم لا يحتج به وضعفه النسائي قال الذهبي كان