انتهى ولا يخفى أن قوله والغرض اختصاصه يحتاج إلى البيان فإنه غير ظاهر في معرض البرهان فإن أكثر الأوصاف المتقدمة إنما هي واقعة بالصفة المجتمعة ومنها المؤمن حيث أطلق عليه سبحانه وعلى رسوله وعلى كل فرد من أفراد اتباعه على أنه لا يلزم من وصف الشيء بالشيء اختصاصه به ولا نفيه عن غيره نعم كان الأحسن أن يستدل بقوله تعالى لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ الفعل على أن ما بعده وهو قوله عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ كلام منقطع عما قبله وصفة أخرى له (وقد وصف الله تعالى نفسه بالبشارة) يعني بطريق الإشارة لا على سبيل العبارة حيث أثبت له هذا الفعل وإن لم يذكر بطريق الوصف (والنّذارة) بكسر النون ولعل الانذار يؤخذ من قوله تعالى تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً على أن ضمير يكون راجع إلى الموصول على تجويز عوده إلى الفرقان وإلى عبده المعني به رسوله (فقال) أي عز وعلا (يُبَشِّرُهُمْ) بالتشديد والتخفيف (رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ) للعامة (وَرِضْوانٍ [التوبة: ٢١] ) للخاصة (وقال تعالى أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى) أي في موضع (و) في محل آخر يُبَشِّرُكَ (بِكَلِمَةٍ مِنَ [آل عمران: ٣٩] ) أي اسمه المسيح عيسى (وسمّاه الله تعالى) أي محمدا صلى الله تعالى عليه وسلم (مُبَشِّراً وَنَذِيراً) أي في قوله تعالى إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وزيد في نسخة وبشيرا أي أي وسماه بشيرا في قوله سبحانه وتعالى في موضع وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وهو فعيل بمعنى مفعل كالنذير (أي مبشّرا لأهل طاعته) يعنى بدار الثواب (ونذيرا) أي ومنذرا ومخوفا (لأهل معصيته) يعني دار العقاب. (وَمِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى فِيمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: طه، ويس) ولعل في الطاء إيماء إلى أنه طاهر وفي الهاء إلى الهادي وفي الياء إلى يَداهُ مَبْسُوطَتانِ وفي السين إلى أنه سيد أو سميع، (وقد ذكر بعضهم أيضا) أي من المفسرين (أنّهما من أسماء محمّد صلى الله تعالى عليه وسلم) وفي نسخة وشرف وكرم فهو طاهر وهاد كما تقدم وقد سبق أن يس معناه يا سيد كما يدل عليه قوله سبحانه إِلْ ياسِينَ على ما ذكره بعض المفسرين وقد قال بعض العلماء المعتبرين أن طه أيضا منادي بحذف حرف النداء وأن المعنى يا مشيها بالقمر ليلة البدر فإن الطاء والهاء أربعة عشر على حساب أبجد الجمل فتأمل وأغرب الدلجي في قوله إن هذا قيل بلا بينة ولا دليل يعتمد والله تعالى أعلم بمراده بهما انتهى ولا يخفى أن المراد خفي في المقطعات وسائر المتشابهات وإنما ذكر ما ذكر بناء على الاحتمالات الناشئة من العبارات أو المنبئة عن الإشارات.
فصل [قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْفَضْلِ وَفَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى وها أنا أذكر نكتة]
(قال القاضي أبو الفضل) أي المصنف (وفّقه الله تعالى) أي لما يحبه ويرضاه (وههنا) أي في هذا المقام (أذكر نكتة) أي جملة مفيدة (أذيّل بها هذا الفصل) بتشديد التحتية المكسورة أي اجعل لها ذيلا لتمام المرام في مقام الفضل ووقع في أصل الدلجي وغيره وها