بفتح الميم وكسر الدال مخففا والظاهر أن بيت مرفوع على نيابة الفاعل والمفعول الثاني مقدر وترك لظهوره وثقل تكرره أي سمي بيت المقدس ببيت المقدس وجزم الأنطاكي بأن بيت بالنصب على أنه المفعول الثاني لسمي والمفعول الأول القائم مقام الفاعل مستكن فيه أي وسمي بيت المقدس بيت المقدس انتهى ولا يخفى أن تقديرنا أولى لأن المفعول الثاني بالحذف أحرى لكونه فضلة والمفعول الأول بالثبات أنسب لكونه كالعمدة (لأنّه يتطهّر) بصيغة المجهول أي يتنظف (فيه من الذّنوب) بناء على أنه يعبد فيه علام الغيوب (ومنه الوادي المقدّس) أي كما جاء في القرآن وهو بمعنى المطهر أو المبارك وهو الأظهر (وروح القدس) أي ومنه روح القدس بضم الدال وسكونها في قوله تعالى وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ
بضم الدال وسكونها أي قويناه بجبريل (ووقع في كتب الأنبياء) أي الكرام والمعنى في جميعها أو بعضها (في أسمائه عليه الصلاة والسلام) أي من بيان نعوته وصفاته (المقدّس) أي وقع المقدس في جملة اسمائه وسماته (أي المطهّر من الذّنوب) يعني والمبرأ من العيوب (كَمَا قَالَ تَعَالَى: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ [الفتح: ٢] ) أي على فرض وقوع ذلك فتدبر (أَوِ الَّذِي يُتَطَهَّرُ بِهِ مِنَ الذُّنُوبِ وَيُتَنَزَّهُ باتّباعه عنها) أي عن العيوب (كما قال تعالى وَيُزَكِّيهِمْ) أي يطهرهم مما لا يليق بهم صدوره عنهم (وقال يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ [البقرة: ١٢٩] ) أي من ظلمات أنواع الكفر إلى نور وحدة الإيمان والشكر أو من ظلمات الشبهة في الدين بما يهديهم الله به ويضيء لهم نور اليقين ولا يخفى بعد هذا المعنى من هذا المبنى فإن صيغة المفعول بمعنى الآلة للدلالة غير معقول ولا منقول وعلى تقدير أنه منقول فيلزم منه أن يكون هذا النعت لاتباعه أكثر قبول (أو يكون) أي النبي عليه الصلاة والسلام (مقدّسا بمعنى مطهّرا من الأخلاق الذّميمة) بالذال المعجمة أي الردية (والأوصاف الدّنيئة) بتشديد الياء التحتية وأصله الهمز من الدناءة بمعنى الرداءة كما في نسخة وهذا المعنى يقارب ما سبق من قوله المطهر من الذنوب لأن المراد به الطهارة من ذنوب الظواهر وغيوب السرائر. (ومن أسمائه تعالى العزيز) من عز يعز بالكسر (ومعناه الممتنع) أي بذاته (الغالب) باعتبار صفاته (أو الذي لا نظير له) من قوله فلان عزيز الوجود في نظر أرباب الشهود وهو معنى البديع المنيع (أو المعزّ لغيره) فهو فعيل بمعنى كبديع بمعنى مبدع على قول وقد يقال معناه القوي من عز يعز بالفتح ومنه قوله تعالى فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ أي قوينا (وقال تعالى: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ أي القوة والغلبة والمنعة (وَلِرَسُولِهِ [المنافقون: ٨] أي الامتناع) يعني بظهور السلطان (وجلالة القدر) أي بارتفاع الشأن له سبحانه وتعالى ولمن أعزه كرسوله فعزته بربه في الآية وكذا قوله تعالى وَلِلْمُؤْمِنِينَ لأن عزتهم بربهم أولا وبنبيهم آخرا هذا وذكر الحلبي أنه قال المعلق أراد به الشيخ تاج الدين عبد الباقي اليمني في الاكتفاء في شرح الشفاء منه ولقائل أن يقول يجوز أن يكون هذا الوصف أيضا للمؤمنين لشمول العطف إياهم فلا اختصاص للنبي والغرض اختصاصه وعجيب من القاضي كيف خفي عليه مثل هذا الشأن