والمعنى أنه عليه الصلاة والسلام كان يبالغ في الدعاء والاستغفار لهم كالمودع عند الوداع لا يترك شيئا مما يهم المودع إلا ذكره وأوصى به (وَبِذَلِكَ أَمَرَهُ اللَّهُ وَأَمَرَ النَّبِيُّ) صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم (بحبّهم) أي بمحبة الصحابة (وموالاتهم) أي موالاة من والاهم من أهل السنة والجماعة (ومعاداة من عاداهم) أي من الخوارج والروافض وسائر اهل البدعة (وروي عن كعب رضي الله تعالى عنه) أي كعب الاحبار كما ذكره الحلبي (لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا لَهُ شَفَاعَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) أي لمن بينه وبينه زيادة المودة وقال الدلجي وحديث كعب بن سعد ليس مؤمن من آل محمد إلا له شفاعة (وطلب) أي كعب (من المغيرة بن نوفل) أي ابن الحارث ابن عبد المطلب بن هاشم (أن يشفع له يوم القيامة) له رواية وكان من انصار علي ابن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وله جماعة اخوة ووالده نوفل أسر يوم بدر ففداه عمه العباس رضي الله تعالى عنه وهو ابن عم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وأما جده الحارث بن عبد المطلب فهو أكبر ولد عبد المطلب وبه كان يكنى قال الحافظ عبد الغني المقدسي لم يدرك الإسلام وأسلم من اولاده اربعة نوفل وربيعة وابو سفيان وعبد الله وكان نوفل ابين اخوته واسن من اسلم من بني هاشم ولم يذكر المغيرة فيهم وقد ذكره الحافظ أبو عمر بن عبد البر في استيعابه فيكون خامسا غير أنه يقال ومنهم من يجعل المغيرة اسم أبي سفيان والصحيح الاول يعني أنه غيره انتهى ولم يتعقب هذا الحافظ أبو الفتح اليعمري حين ذكره وأما الذهبي فقد ذكر في كنى التجريد أبا سفيان فقال اسمه المغيرة قاله إبراهيم بن المنذر انتهى ولم يتعقبه وقال في المغيرة بن الحارث بن عبد المطلب قال ابن عبد البر هذا أخو أبي سفيان فوهم بل هو أبو سفيان انتهى والله تعالى أعلم (قَالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التُّسْتَرِيُّ لَمْ يؤمن بالرّسول) أي حق إيمانه (من لم يوقّر أصحابه ولم يعزّر أوامره) أي ولم يترك زواجره.
فصل [ومن إعظامه وإكباره إعظام جميع أسبابه]
(ومن إعظامه) أي تعظيم قدره فوق قدر غيره (وإكباره) أي اعظام أمره زيادة على اعظام أمر غيره (إعظام جميع أسبابه) أي أسباب وصلته ومودته وفي حديث كل سبب ونسب ينقطع إلا سببي ونسبي والمراد جميع ما ينسب إليه ويعرف به صلى الله تعالى عليه وسلم (وإكرام مشاهده) أي مواضعه التي حضرها أو نزل بها (وأمكنته) أي مساجده (من مكّة) كبيت خديجة رضي الله تعالى عنها مهبط الوحي ودار الأرقم بن أبي الأرقم وغار حراء وثور ومولده (و) من (المدينة) كمسجده وبيوته ومواطنه (ومعاهده) أي وإكرام معاهده التي كان يتعاهدها كقبا إذ قد ورد أنه كان يزورها كل سبت راكبا أو ماشيا (وما لمسه) أي مسه (عليه الصلاة وسلام أو عرف به) بصيغة المجهول أي مما يمكن إكرامه الآن وإعظامه في هذا الزمان (وروي عن صفيّة بنت نجدة) بفتح نون وسكون جيم فدال مهملة (قالت كان