وهي سنة أربع وثمانين ومائة كذا ذكره التلمساني (فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: * وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ (٨٣)[الصافات: ٨٣] ) أي أتباعه (إِنَّ الْهَاءَ عَائِدَةٌ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَيْ إِنَّ مِنْ شِيعَةِ مُحَمَّدٍ لإبراهيم أي على دينه. ومنهاجه) أي طريقه الواضح، (وأجازه الفرّاء) يروى وأجازه الفراء، (وحكاه عنه مكّيّ) ونسبه بعضهم إلى الكسائي أيضا فكان الله أخبر إبراهيم بمحمد صلى الله تعالى عليه وسلم فآمن به وشايعه في دينه وعود الضمير على غير متقدم لفظا شائع سائغ كقوله تعالى حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ وإنما جعل منها لتقدمه عليه خلقا ونبوة كما يدل عليه حديث أنه حيث سئل مَتَى وَجَبَتْ لَكَ النُّبُوَّةُ قَالَ وَآدَمُ بَيْنَ الروح والجسد وفي رواية وآدم منجدل في طينته وهذا أولى مما قيل في جواب الإشكال الوارد من أن المتعارف هو أن المتأخر في الزمان هو الذي يكون من شيعة المتقدم لكن قد جاء عن العرب عكس ذلك:
وما لي الا آل أحمد شيعة والسبب في هذا أن من كنت على منهاجه ودينه فقد كان على منهاجك سواء تقدم أو تقدمت، (وقيل المراد نوح) ويروى على نوح (عليه السّلام) وهو قول أكثر المفسرين كما هو الظاهر المتبادر من حيث تقدم مرجعه فإبراهيم ممن شائع في دينه لاتفاق شرعهما في الفروع غالبا وإن كان بينهما ألفان وستمائة وأربعون سنة ونبيان هود وصالح عليهما الصلاة والسلام كذا ذكره الدلجي.
(في إعلام الله تعالى خلقه) أي مخلوقه (بصلاته عليه وولايته له) بكسر الواو وقد يفتح وبهما قرئ قوله تعالى ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ من شيء والكسر قراءة حمزة من السبعة فتلحين الأصمعي قراءة الأعمش في هذه الآية بكسر الواو خطأ ظاهر وقوله إن الولاية بالكسر إنما هي في الإمارة والسلطان ونحوهما بصيغة الحصر مدفوع ولو سلم فالكسر مشترك في المعنيين والله أعلم وقيل بالفتح بمعنى النصرة وبالكسر تولى الأمر أي موالاته ونصرته له (ودفعه) مصدر مضاف إلى فاعله أي ودفع الله (العذاب بسببه) أي من أجله وجهته وفي نسخة رفعه بالراء واختاره الحلبي وهو تصحيف في مبناه وتحريف في معناه إذ الرفع لا يستعمل إلا بعد الوقوع ولذا قيل الدفع أهون من الرفع (قال تعالى) أي حين قال الكفار مبالغة في الإنكار اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ (وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ [الْأَنْفَالِ: ٣٣] ) بيان لما كان موجبا لإمهالهم مع علم الله سبحانه وتعالى بأقوالهم وأفعالهم (أي ما كنت بمكّة) أي مدة كونك فيها إذ جرت سنته تعالى أن لا يعذب قوما عذاب استئصال ما دام نبيهم بين اظهرهم ومن ثمة كان العذاب إذا نزل بقوم أمر نبيهم بالخروج بمن آمن وفيه تلويح بأنهم مرصدون بالعذاب إذا هاجر (فلمّا