حصول الذنب عمدا من أرباب النبوة بخلاف أصحاب الولاية ولذا لما سئل جنيد أيزني العارف أطرق مليا ثم قال وكان أمر الله قدرا مقدورا وبهذا يتبين أنه لا يوجد في النبي ما يكون سببا لسلب النبوة أو الإيمان والمعرفة بخلاف الولي فإنه قد يخرج عن مرتبة الولاية بارتكاب الكبيرة ويخاف عليه من سوء الخاتمة نسئل الله العافية ولعل هذا التفصيل يبين لك معنى قوله، (وإنّ) بكسر الهمزة وفتحها (تلك الأقدار) أي المقدرات جمع قدر محركة وتسكن (لم تحطّه عنها) بتشديد الطاء أي لم تنزله عن درجة النبوة (حبّة خردل) وهي حبة الرشاد (ولا أدنى) أي أقل منها بقدر ذرة بل أقول إنها كلها كانت أسباب زيادة مثوبة ورفعة درجة من حيث إنها نشأت عن الغضب في الله والهجرة في مرضاته إلا أن بعضها كان خلاف الأولى بالنسبة إلى المقام الأعلى فإن حسنات الأبرار سيئات الأحرار فعوتب في ذلك تنبيها لما هنالك؛ (وسنزيد في القسم الثّالث في هذا) أي المبحث (بيانا) أي شافيا كافيا (إن شاء الله تعالى) أي أراد كونه جامعا مانعا (فقد بان لك الغرض) بفتح الغين المعجمة والراء أي المقصود (وسقط بما حرّرناه شبهة المعترض) أي المردود، (وبالله التّوفيق) أي على طاعة المعبود (وهو المستعان) أي في كل مورود (لا إله إلّا هو) أي الواجب الوجود وصاحب الكرم والجود وهو نعم الإله ولا إله سواه.
فصل [في أسمائه صلى الله تعالى عليه وسلم وما تضمنته من فضيلته]
(في أسمائه عليه الصلاة والسلام وما تضمّنته من فضيلته) أي المشعرة بتفضيله على سائر الأنبياء الكرام اعلم أن ابن العربي المالكي في الأحوذي شرح الترمذي حكى عن بعضهم أن لله تعالى ألف اسم وللنبي صلى الله تعالى عليه وسلم ألف اسم ثم ذكر منها على التفصيل نيفا وستين قال الحلبي وقد رأيت مجلدين في القاهرة مصنفا يقال له المستوفى في اسماء المصطفى لابن دحية الحافظ جمع فيه للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم فوق الثلثمائة قلت وكان شيخ مشايخنا السيوطي اختصره في كراريس وسماها بالبهجة البهية في الاسماء النبوية واقتصر منها على التسعة والتسعين وفق عدد اسماء الله الحسنى الثابتة بالطرق المرضية إذ قد قال ابن فارس هي الفان وعشرون وفي الجملة كثرة الاسماء تدل على شرف المسمى المشعرة بكثرة النعوت والأوصاف (حدّثنا أبو عمران) بكسر أوله (موسى بن أبي تليد) بفتح فكسر (الفقيه) بالرفع (ثنا) أي حدثنا (أبو عمر الحافظ) أي ابن عبد البر، (ثنا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ) بفتح همزة وسكون مهملة وفتح موحدة فغين معجمة غير مصروف الإمام الحافظ محدث الأندلس سمع ابن قتيبة وابن أبي الدنيا وروى عنه حفيده قاسم بن محمد والحافظ الباجي وفي آخر عمره قطع الرواية خوفا من الغلط وانتهى إليه علو الإسناد والحفظ والجلالة وتوفي بقرطبة سنة أربعين وثلاثمائة (ثنا محمّد بن وضّاح) بتشديد الضاد المعجمة (ثنا يحيى) أي راوي الموطأ (ثنا مالك) أي الإمام (عن ابن شهاب) أي الزهري