للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحالة الجامعة بين المحبية والمحبوبية بل الوسيلة لكل محب ومحبوب في المرتبة المطلوبية والمجذوبية (أو رؤية) أي بصرية كما اختص به نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم على ما تقدم أو رؤية بصيرية وهي مقام المشاهدة برفع الحجب الجسمانية كما يحصل للكمل من الافراد الإنسانية (أو ما شاء الله من ألطافه) أي الخفية وهي بفتح الهمزة جمع لطف وهو برد دقيق (وتحف ولايته) أي العلية وهي بضم التاء وفتح الحاء جمع تحفة بمعنى الهداية، (واختصاصه) أي إياهم بالمراتب الجلية (وقد روي) كما في تفسير ابن أبي حاتم ومستدرك الحاكم عن وهب بن منبه (أنّ النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم قال: إنّ للنّبوّة) أي المقرونة بالرسالة (اثقالا) أي تكاليف مثقلة ذات مرارة تعرض لها بسبب التبليغ بشارة ونذارة كما أشار إليه قوله تعالى إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (وإنّ يونس) أي لعدم تحمله وغلبة ضجره في مقام صبره عند ترك انقياد قومه وإصرارهم وشدة عنادهم وتمادي أضرارهم (تفسّخ منها) أي انسلخ منها وتجرد عنها (تفسّخ الرّبع) بالنصب أي كتفسخه تحت الحمل الثقيل وهو بضم الراء وفتح الباء أي الفصيل وهو ولد الناقة يولد في الربيع والمعنى أن يونس عليه السلام لم يستطع أن يحمل أعباء النبوة كما أن الربع لا يستطيع أن يحمل الأثقال الكبيرة (فحفظ صلى الله تعالى عليه وسلم) أي بنهيه عن التفضيل بينهم (موضع الفتنة من أوهام) التي هي أوهام (من يسبق إليه) أي إلى فهمه من وهمه والوهم هو الاحتمال المرجوح عند تردد حكم العقل (بسببها) أي بسبب اثقالها من سآمة وضجر وضيق نفس وقلة صبر (جرح) بفتح الجيم وسكون الراء أي طعن (في نبوّته) وفي نسخة بفتح حاء وراء وبجيم أي ضيق والظاهر أنه تصحيف (أو قدح) أي عيب (في اصطفائه) أي بالرسالة أو في اجتبائه الثابت في قوله تعالى فَاجْتَباهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (وحطّ في رتبته) أي وضع من رفعته (ووهن في عصمته) أي ضعف فيها بتوهمه ذلك (شفقة) على الحفظ أي راعي هذا المعنى المفاد من المبنى أي مخالفة (منه صلى الله تعالى عليه وسلم على أمّته) ورحمة على أهل ملته كيلا يقع أحد في وهدة غفلته وينزجر عن الإقدام على جرأته (وقد يتوجّه على هذا التّرتيب) أي على ما رتب من أن يونس ممن خصه الله تعالى بعهد النبوة والطاف الكرامة (وجه خامس وهو أن يكون) لفظ (أنا) أي في الحديث السابق (رَاجِعًا إِلَى الْقَائِلِ نَفْسِهِ أَيْ لَا يَظُنُّ) يعني لا يتوهم (أحد) أي من العلماء والأولياء (وإن بلغ من الزّكاء) أن وصلية أي وإن وصل من الفهم العالي وهو بالزاء في خط المصنف وعند العرفي بالذال المعجمة ومعناه قريب من الأول فتأمل (والعصمة) أي من الأفعال الردية (والطّهارة) أي من الأخلاق الدنية (ما بلغ) أي من الغاية والنهاية في مرتبة الولاية (أَنَّهُ خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ لِأَجْلِ مَا حَكَى الله تعالى عنه) أي من ظهور تضجره وتبرمه وقلة صبره على تمادي قومه في ترك الإيمان بما جاء به (فإنّ درجة النّبوّة أفضل) يروى أعظم (وأعلى) أي من درجة الولاية ولهذا فرق بين الحفظ والعصمة حيث خصت العصمة للأنبياء والحفظ للأولياء إذ لا يتصور

<<  <  ج: ص:  >  >>