للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل قرأ التوراة وهو صغير (وأوتي) أي أعطي (بعضهم الزّبور) وهو داود عليه السلام ووقع في أصل التلمساني ههنا الزبر بضمتين جمعا أي صحفا مزبورة أي مكتوبة كما قال تعالى وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً (وبعضهم البيّنات) أي المعجزات الظاهرات أو المبينات للنبوة بحسب الدلالات كعيسى عليه السلام كما قال تعالى وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ أي كإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص والإخبار بالمغيبات (ومنهم من كلّم الله تعالى) كموسى كلمه مرتين ليلة الحيرة وعلى الطور (ورفع بعضهم درجات) تفضيلا له على غيره في المقامات وهو نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم إذ لا تحصى درجات كمالاته ولا تعد مراتب مقاماته وحالاته مع مشاركته لكل من الأنبياء في ظهور آياته واقتران زيادة معجزاته وخصوصياته ولعله أبهم اعتمادا على ما أفهم لأنه كالمتعين من حيث إنه الفرد الأكمل لا سيما في مقام الختم المؤذن بكونه الأفضل (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ [الإسراء: ٥٥] الآية) فالتفضيل ثابت مقطوع به في الجملة بين أرباب النبوة وكذا بين أصحاب الرسالة لقوله (وقال) أي الله سبحانه وتعالى (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ [الْبَقَرَةِ: ٢٥٣] ) أي بفضائل سنية وشمائل بهية وفواضل انسانية منزهة عن علائق جسمانية وعوائق شهوانية ونحوها في الدنيا ومراتب جلية ودرجات علية وأمثالها في العقبى فإن الدنيا مزرعة للآخرة (قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَالتَّفْضِيلُ الْمُرَادُ لَهُمْ هنا في الدّنيا) أي غير مقصور في العقبى لا أنه غير موجود في الأخرى (وذلك) أي سبب تفضيلهم في الدنيا (بثلاثة أحوال) أي يعرف بثلاثة أوصاف (أن تكون آياته) أي خوارق عاداته (ومعجزاته) أي المقرونة بالتحدي فهي أخص مما قبله (أبهر) أي أظهر (وأشهر) ولا شك أن معجزات نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم أظهر وأشهر ولو لم يكن إلا القرآن لكفى دليلا للبرهان (أو تكون أمّته أزكى) أي اتقى (وأكثر) أي أزيد من غيرهم كيفية وكمية أما الكيفية فقد قال تعالى كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ وأما الكمية فقد ثبت أنه صلى الله تعالى عليه وسلم قال صفوف المؤمنين مائة وعشرون وأمتي منهم ثمانون وفي نسخة أظهر بالظاء المعجمة بدل أكثر والأظهر هو الأول فتدبر وعلى تقدير صحته فلعل معناه أغلب (أو يكون) أي النبي المفضل (في ذاته أفضل وأطهر) بالطاء المهملة أي أنور وقد تصحف بالمعجمة على الدلجي وفسره بأشهر ثم مما يدل على أفضلية نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم في ذاته أنه سبحانه وتعالى خلقه قبل جميع موجوداته بل جعله كالعلة الغائية في مراتب مخلوقاته وجعله أولا وآخرا في مقامات كائناته وجعل نور مشكاته محل فيوض أنوار ذاته واسرار صفاته ومعدن ظهور تجلياته هذا، (وفضله) أي وفضل كل نبي (فِي ذَاتِهِ رَاجِعٌ إِلَى مَا خَصَّهُ اللَّهُ به من كرامته) أي من إكرام الله له بمناقب عظيمة ومراتب جسيمة (واختصاصه) بالجر أي وإلى اختصاص كل نبي بمقام علي وحال جلي (من كلام) أي كما وقع لموسى في الطور ولنبينا في مقام دنا بل أدنى في معرض الظهور (أو خلّة) أي كما ثبت للخليل ولنبينا الجليل مع زيادة المحبة الخاصة

<<  <  ج: ص:  >  >>