للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ [الأنبياء: ٨] ) أي لن نضيق عليه أو لن نقضي عليه بالعقوبة وينصره قراءته مثقلا وروى الزمخشري أن معاوية قال لابن عباس رضي الله تعالى عنه ضربتني أمواج القرآن البارحة فغرقت فيها فلم أجد لنفسي خلاصا إلا بك قال وما هي يا معاوية فقرأ هذه الآية فقال أو يظن نبي الله أن لا يقدر الله عليه فقال له هذا من القدر لا من القدرة قال ابن عرفة أي من الإرادة أي فظن أن لن نريد عقوبته (فَرُبَّمَا يُخَيَّلُ لِمَنْ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ حَطِيطَتُهُ) أي حط مرتبته ونقص منزلته عن رتبة نبوته ورفعة رسالته (بذلك) أي بسبب ما ذكره ومن جهة ما أخبر (الوجه الرّابع منع التّفضيل) أي نهيه (في حقّ النّبوّة والرّسالة) أي باعتبار أصلهما وحقيقة ماهيتهما لا في ذوات الأنبياء وزيادة خصائص الأصفياء، (فإنّ الأنبياء فيها على حدّ واحد) أي سواء غير متعدد (إذ هي) أي مادة النبوة والرسالة (شيء واحد) وهو البعثة المجردة الحاصلة بالوحي فقط وتسمى النبوة أو منضمة إلى تبليغ الغير وتسمى الرسالة وهي في حد ذاتها شيء واحد (لا يتفاضل) أي بالنسبة إى أصحابها فلا يقال مثلا نبوة آدم أفضل من نبوة غيره منهم ونظيرها حقيقة الإيمان فإنها شيء واحد بالنسبة إلى المؤمنين حال الإيقان وهذا معنى قوله عليه الصلاة والسلام لا تفضلوني على إخواني المرسلين فإنهم بعثوا كما بعثت. (وإنّما التّفاضل في زيادة الأحوال) أي الناشئة عنها من تحسين الأخلاق والأعمال (والخصوص) أي والخصوصيات في مقامات أرباب الكمال (والكرامات) أي المعجزات وخوارق العادات (والرّتب) أي ومراتب العبادات والمجاهدات. (والألطاف) أي وأنواع الملاطفة وأصناف المخالطة من حسن المعاشرة والمجاملة والمداراة مع الأمة كاختلاف مراتب أهل الإيمان من ظهور ثمرات الإيقان ونتائج الإحسان ولوايح العوارف ولوامع المعارف وخوارق العادات للأولياء ومراتب الاجتهادات للعلماء والأصفياء. (وأمّا النّبوّة في نفسها) وكذا الإيمان في حد ذاته (فلا تتفاضل) أي لا تفاوت في حالاتها ولا تتزايد في مقاماتها، (وإنّما التّفاضل بأمور أخر) أي كما سبقت الإشارة إليها (زائدة عليها) أي على حقيقتها (ولذلك منهم رسل) أي بعض الأنبياء موصوفون بزيادة وصف الرسالة على نعت النبوة (ومنهم أولو عزم) أي الجد والاحتياط والحزم (من الرّسل) أي بناء على أن من تبعيضية وهو المعتمد لا بيانية ثم هم مجموعون في آيتين إحديهما قَوْلُهُ تَعَالَى وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وفي تقديم منك إشعار بأوليته وأفضليته صلى الله تعالى عليه وسلم على بقيتهم والباقي ذكر على ترتيب وجودهم حين بعثتهم وإن كان بعض أفضل من بعض في مقام كرمهم وجودهم وسيرتهم (ومنهم) أي وكان من الأنبياء (من رفع مكانا عليّا) كإدريس عليه السلام وهو سبط شيث وجد نوح كما قال تعالى وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا أي رفع إلى السماء وقيل إلى الجنة، (ومنهم من أوتي الحكم) أي النبوة أو الحكمة أو فهم التوراة (صبيا) أي حال صغره كيحيى عليه السلام كما قال تعالى وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا قيل أوتي النبوة وهو ابن ثلاث سنين

<<  <  ج: ص:  >  >>