للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل [وَمِمَّا يُشْبِهُ هَذَا مِنْ مُعْجِزَاتِهِ تَفْجِيرُ الْمَاءِ ببركته وانبعاثه]

(وممّا يشبه هذا) أي النوع (من معجزاته) وهو نبع الماء من بين أصابعه لكرامته (تفجير الماء ببركته وابتعاثه) بالرفع أي ثورانه وجريانه (بمسّه) أي إياه بجارحته (ودعوته) أي بلسانه أو جنانه. (فيما روى مالك) أي رواه كما في نسخة (في الموطّأ) بتشديد الطاء المفتوحة فهمزة وقيل بألف مقصورة وكذا أخرجه مسلم في صحيحه (عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ فِي قِصَّةِ غَزْوَةِ تبوك) وهي غزوة معروفة كانت سنة تسع من الهجرة (وأنّهم وردوا العين) أي التي كانت فيها (وهي تبضّ) بكسر الموحدة وتشديد المهملة أي تلمح وتلمع أو المعجمة أي تقطر وتسيل واختاره النووي (بشيء) أي قليل (من ماء) أي مما يسمى ماء (مثل الشّراك) بالجر على أنه نعت لشيء أو ماء وفي نسخة بالرفع على تقدير هو وفي أخرى بالنصب على أنه حال من شيء أي مماثلا للشراك في طوله وعرضه وهو سير رقيق يجعل في النعل والمقصود المبالغة في حد القلة (فغرفوا) أي اغترف القوم (من العين بأيديهم حتّى اجتمع) أي الماء كما في نسخة (في شيء) أي من الإناء فيما لديهم (ثمّ غسل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فيه وجهه. ويديه وأعاده) أي الماء المغسول به (فيها) أي في العين التي بها ماء يسير (فجرت) الفاء عاطفة أي فسالت (بماء كثير فاستقى النّاس) أي فشربوا منه وأسقوا دوابهم (قال) أي معاذ (في حديث ابن إسحاق) أي فيما يرويه إمام أهل المغازي عنه (فانخرق) بالنون والخاء المعجمة والراء أي انفجر وجرى (من الماء ما له حسّ) بكسر الحاء المهملة وتشديد السين أي حركة وصوت لجريه (كحسّ الصّواعق) جمع صاعقة وهو صوت شديد وربما كان معه نار لطيفة حديدة لا تمر بشيء إلا أتت عليه وأهلكته لكنها مع حدتها سريعة الخمود (ثمّ قال) أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (يوشك) أي يسرع ويدنو ويقرب (يا معاذ إن طالت بك حياة) أي مدة عمرك (أن ترى ما هاهنا) أي الموضع الذي ههنا لأجل كثرة ما فيه من الماء (قد ملىء) بصيغة المجهول أي امتلأ (جنانا) بكسر الجيم جمع جنة بالفتح وهي البستان الكثير الأشجار وهي مرة من مصدر جنه جنا إذا ستره فكأنها مرة واحدة بشدة إلفافها وإظلالها ونصبه على التمييز قال الحلبي هذا ذكره ابن إسحاق في طريق تبوك وقت الرجعة ولفظه ثم انصرف قائلا يعني من تبوك إلى المدينة وكان في الطريق ماء ما يروي الراكب والراكبين والثلاثة بواد يقال له وادي المشفق فذكر القصة والله تعالى أعلم. (وفي حديث البراء) أي على ما رواه البخاري عنه (وسلمة بن الأكوع) أي كما رواه مسلم عنه (وحديثه) أي حديث سلمة (أتمّ) أي من حديث البراء (فِي قِصَّةِ الْحُدَيْبِيَةِ وَهُمْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً) أي ألف وأربعمائة (وبئرها لا تروي) أي بضم التاء وكسر الواو أي لا تكفي بمائها (خمسين شاة) قال المزي المعروف عند أهل الحديث خمسين أشياء بفتح الهمزة والمد وهي النخلة الصغيرة ذكره الشمني وقال التلمساني وهو الصواب (فنزحناها) أي فنزعنا ما فيها كله (فَلَمْ نَتْرُكْ فِيهَا قَطْرَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>