نوره ويأبى الله إلا أن يتم نوره) ويعلو ظهوره وهو مقتبس من قوله تعالى يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ (فما جلوا في ذلك) أي فما أظهروا في مقام المعارضة مما اجتهدوا فيه غاية المجاهدة (خبيئة) بفتح الخاء المعجمة وكسر الموحدة فتحتية ساكنة فهمزة مفتوحة أو مبدلة مدغمة أي مخبوءة ومخفية (من بنات شفاههم) بفتح الموحدة قبل النون أي من كلمات صدرت من أفواههم والشفاه بكسر الشين المعجمة جمع الشفة بفتحها وتكسر وشفتا الإنسان طبقا فمه (ولا أتوا بنطفة) أي ولا جاؤوا بقطرة يسيرة (من معين مياههم) أي من ظواهر أنهار بلاغتهم وأسرار فصاحتهم بل صاروا بكما في معارضتهم (مع طول الأمد) أي الزمان (وكثرة العدد) أي الأعوان (وتظاهر الوالد وما ولد) الأولى أن يقال والولد أي ومعاونتهم ومعاضدتهم في مقام الرد وأما ما في نسخة من الأمل باللام يدل الأمد بالدال فتصحيف وتحريف (بل أبلسوا) بصيغة الفاعل أي أيسوا من المعارضة ويئسوا من المقاومة (فما نبسوا) بفتح النون والموحدة المخففة وقيل المشددة وبضم السين المهملة أي فما نطقوا (ومنعوا) بصيغة المفعول أي فما أعطوا القدرة على المقاومة (فانقطعوا) أي عن المعارضة (فهذان النّوعان) وفي نسخة صحيحة نوعان (من إعجازه) أي اجتماعا وانفرادا.
فصل [الْوَجْهُ الثَّالِثُ مِنَ الْإِعْجَازِ مَا انْطَوَى عَلَيْهِ من الأخبار]
(الوجه الثّالث من الإعجاز) أي من وجوهه (ما انطوى) أي اشتمل واحتوى (عليه من الأخبار) بكسر الهمزة أي الإعلام (بالمغيّبات) أي الكائنات في الأزمنة السابقة (وما لم يكن ولم يقع) أي بعد (فوجد) أي في الأيام اللاحقة (كما ورد) أي مطابقا لما ورد (على الوجه الذي أخبر كقوله تعالى) خطابا للنبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه الكرام (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ) تعليق لعدته بالمشيئة تعليما لعباده وإيماء إلى عدم وجوب شيء على الله تعالى في تحقيق مراده وتلويحا بأن بعضهم لا يدخله لعلة من موت أو غيبة أو حكاية لما قاله ملك الرؤيا النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لأصحابه حالة الرواية (آمِنِينَ [الفتح: ٢٧] ) حال من واو لتدخلن والجملة الشرطية معترضة (وقوله تعالى: وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ) أي الروم من بعد غلبة الفرس عليهم (سَيَغْلِبُونَ [الروم: ٣] ) الفرس وكانوا مجوسا والروم نصارى فورد خبر غلبة الفرس إياهم مكة ففرح المشركون وشتموا بالمسلمين وقالوا أنتم والنصارى أهل كتاب ونحن وفارس أميون لا كتاب لنا وقد ظهر إخواننا على إخوانكم ولنظهرن عليكم فنزلت الآية إلى قوله فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ فقال أبو بكر رضي الله تعالى عنه لا يقرن الله أعينكم فو الله لتظهرن الروم على فارس في