المكسورة أي المبالغة في ظهور البر والإحسان أو في إظهار العلم والإيقان يقال تحفى فلان بصاحبه أي بالغ في بره وتلطفه بالسؤال عن حاله ومنه قوله تعالى إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا قال الزمخشري هو البليغ في البر (وإنافة المنزلة) أي رفعة الرتبة أو زيادتها ويروى إبانة من البيان، (والمرتبة) أي القربة (من الله له ويتأوّل فيه) أي في هذا الدنو (ما يتأوّل في قوله) أي المروي في صحيح البخاري (مَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا) هذا الحديث القدسي والكلام الأنسي تمثيل لقرب معنى القرب المعنوي في لباس القرب الحسي فإنه أوقع في النفس الأنسي (ومن أتاني يمشي) أي في طاعته (أتيته هرولة) أي سبقته مسرعا بجزاء عطيته أو بتوفيق عبادته فالدنو في الآية والقرب في الحديث (قُرْبٌ بِالْإِجَابَةِ وَالْقَبُولِ، وَإِتْيَانٌ بِالْإِحْسَانِ وَتَعْجِيلِ الْمَأْمُولِ) أي وإسراع لتحصيل المسؤول لكن بين المقامين بون بين وبين القربين تباين متعين فلا تقاس الملوك بالحدادين لتفاوت مراتب المقربين ومنازل السالكين من المحبين والمحبوبين نفعنا الله ببركاتهم أجمعين.
فصل [في ذكر تفضيله في القيامة بخصوص الكرامة]
(في ذكر تفضيله صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقِيَامَةِ بِخُصُوصِ الْكَرَامَةِ حَدَّثَنَا القاضي) أي الشهيد (أبو عليّ) أي الحافظ ابن سكرة (حدّثنا أبو الفضل) أي ابن خيرون (وأبو الحسين) بالتصغير وفي نسخة أبو الحسن بفتحتين والأول هو الصواب على ما حققه الحلبي وهو المبارك بن عبد الجبار (قالا) أي كلاهما (حدثنا أبو يعلى) وهو المعروف بابن زوج الحرة (حدّثنا السّنجيّ) بكسر السين وسكون النون فجيم منسوبا (حدّثنا ابن محبوب) هذا هو أبو العباس المحبوبي راوي جامع الترمذي عنه (حَدَّثَنَا التِّرْمِذِيُّ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ يَزِيدَ الْكُوفِيُّ) هو الطحان (حدّثنا عبد السّلام بن حرب) أي النهدي يروي عن عطاء بن السائب وغيره وعنه ابن معين ونحوه أخرج له الأئمة الستة (عن ليث) أي ابن سليم الكوفي أحد الأعلام روى عن مجاهد وطبقته ولا نعلم أنه لقي صحابيا وعنه شعبة وخلق وفيه ضعف يسير من سوء حفظه وكان ذا صلاة وصيام وعلم كثير وبعضهم احتج به (عن الرّبيع بن أنس) تقدم (عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أنا أوّل النّاس خروجا) أي من القبر (إذا بعثوا) بصيغة المفعول أي أثيروا من قبورهم ونشروا (وأنا خطيبهم) أي متكلم عنهم فيما بينهم (إذا وفدوا) أي قدموا على ربهم (وأنا مبشّرهم) أي بما يسرهم (إذا أيسوا) أي قنطوا من رحمة ربهم من شدة حسابهم وهو عذابهم. (لواء الحمد) أي يومئذ كما في الجامع الصغير (بيدي) أي لإنفراده بالحمد الذي يليهم به أو لأنه يحمده الأولون والآخرون تحت لوائه كما قال آدم ومن دونه تحت لوائي يوم القيامة ولذا سمي مقاما محمودا وهو قيامه بالشفاعة العظمى وأصل اللواء الراية ولا يمسكها إلا صاحب الجيش وموضوع اللواء شهرة مكان الرئيس ليعتمدوا عليه ويرجعوا إليه (وأنا أكرم ولد آدم) أي هذا الجنس