بسم الله الرّحمن الرّحيم الحمد لله الذي أنزل القرآن شفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين، وشفى به من كان اشفى على شفائر جهنم من الكافرين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وسيد الأولين والآخرين، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، وأتباعه أجمعين إلى يوم الدين.
(أما بعد) فيقول أفقر العباد إلى كرم ربه الباري علي ابن سلطان محمد القاري لما رأيت كتاب الشفاء في شمائل صاحب الاصطفاء، أجمع ما صنف في بابه مجملا في الاستيفاء لعدم إمكان الوصول إلى انتهاء الاستقصاء، قصدت أن اخدمه بشرح يشرح بعض ما يتعلق به من تحقيق الاعراب والنباء، رجاء أن أسلك في سلك مسالك العلماء يوم الجزاء، فأقول وبالله التوفيق، وبتأييده ظهور التحقيق، أن المصنف رحمه الله تعالى كان وحيد زمانه وفريد أوانه، متقنا لعلوم الحديث واللغة والنحو والآداب، وعالما بأيام العرب والأنساب، ومن تصانيفه المفيدة الاكمال في شرح مسلم، كمل به المعلم في شرح مسلم، للمازري ومنها مشارق الأنوار فسر به غريب الحديث ومنها الشفا في حقوق المصطفى ومنها شرح حديث ام ذرع إلى غير ذلك وله أشعار لطيفة متضمنة المضامين منيفة مولده منتصف شعبان سنة ست وسبعين واربعمائة وتوفي يوم الجمعة سابع جمادى الآخرة وقيل في شهر رمضان سنة أربع وأربعين وخمسمائة قال:(بسم الله الرحمن الرحيم) اقتداء بالكلام المجيد واقتفاء بالحديث الحميد ثم قال (اللهمّ صلّ على محمّد، وآله) أي وأتباعه المتضمنين لأصحابه (وسلّم) وهذا طريق المغاربة حيث يأتون بالتصلية والتحية بين البسملة والحمدلة كما في الشاطبية ولعل فيه اشعارا بأن البسملة المشتملة على نعت الألوهية وصفات الرحمانية والرحيمية بمنزلة شطر الشهادتين من كلمة التوحيد فلا بد من انضمام الشطر الآخر لإتمام معنى التمجيد ليترتب على توفيق تحصيل هذا المقام مقال التحميد ثم في بعض النسخ المصححة قبل قوله الحمد لله (قال الفقيه) وفي نسخة الشيخ الْفَقِيهُ (الْقَاضِي الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ عِيَاضُ بن موسى بن عياض) بكسر العين (اليحصبيّ) بتثليث الصاد والفتح أخف وبه ثبتت رواية الشاطبي وهو نسبة إلى يحصب بن مالك قبيلة من حمير باليمن (رحمة الله عليه) ولا شك أن هذا الادخال من المقال صدر من بعض أرباب الكمال من تلاميذ المصنف أو من بعده ولكن اللائق في فعله أن يأتي به قبل البسملة ليقع الكل من مقوله. ولعله تحاشى من تقديم ذكره فوقع وهم في حقه فالأولى أن يفعل مثل هذا العنوان وراء الكتاب على قصد التبيان أو بقلم آخر أو لون مغاير في هذا المكان ثم تحقيق مباحث البسملة والحمدلة وما يتعلق بهما من وجوه التكملة قد كثر في تصانيف العلماء وتآليف الفضلاء، وقد ذكرنا طرفا منها في بعض