للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(لو أبصرت إلي غنمي) أي تمنيت والتمست منك إن راعيت حفظ ما يتعلق بي (حتّى أدخل مكّة فأسمر بها) بفتح الهمزة وضم الميم أي أحادث ليلا مطلقا أو ليلا مقمرا والسمر في أصله ضوء القمر وجعل الحديث فيه سمرا ومنه قوله تعالى مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ كانوا يجتمعون حول البيت بالليل وكانت عامة سمرهم ذكر القرآن وتسميتهم إياه سمرا فلهذا ذمهم الله بقوله تَهْجُرُونَ (كما يسمر الشّباب) أريد به الجنس ووقع في أصل الدلجي بلفظ الشباب والمعنى فاسمر سمرا مشابها لسمرهم في مشاهدة قمرهم حال سهرهم ورقادهم في سحرهم لغلبة سكرهم وكثرة نكرهم وقلة فكرهم، (فخرجت لذلك) أي لقصد السمر (حتّى جئت أوّل دار من مكّة) أي مما فيها آلات لذات الشهوة (سمعت عزفا) بفتح مهملة فسكون زاء ففاء أي لعبا بالمعازف وهي الملاهي أو صوتا حسنا وغناء في الطباع مستحسنا مختلطا (بالدّفوف والمزامير) أو بسبب ضرب الدفوف وأصوات الملاهي كالعود والطنبور ونحوها (لعرس بعضهم فجلست) أي خارج الباب أو داخله أو بعد الأذن وبعد رفع الحجاب (أنظر) أي حال كوني انظر لعبهم وأتسمع لهوهم أو من أجل أن أنظر إليهم واتسمع لديهم؛ (فضرب) بصيغة المجهول (على أذني) بضم الذال وتسكن وبفتح النون وتشديد ياء المتكلم أو بكسر النون وتخفيف ياء الإضافة على إرادة الجنس أي أنامني الله إنامة ثقيلة لا يمنعني عن النوم اضطراب أصوات ولا كثرة حركات ومنه قوله تعالى فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ أي أنمناهم (فنمت) بكسر النون (فما أيقظني إلّا مسّ الشّمس) أي إصابة حرها على بدني (فرجعت ولم أقض شيئا) أي مما قصدت من المعصية وارتكاب السيئة ولعل سماع المزامير كان مباحا في الشرائع المتقدمة، (ثمّ عراني) أي أصابني (مرّة أخرى مثل ذلك) أي مما هممت به في المرة الأولى فعصمني منها المولى (ثم لم أهمّ) بضم هاء وتشديد ميم مفتوحة ويجوز ضمها وكسرها أي لم أقصد (بعد ذلك) أي ما ذكر من المرتين (بسوء) أي بهم سوء قط وهو بضم السين ويفتح.

فصل [وأما وقاره صلى الله تعالى عليه وسلم]

(وأمّا وقاره صلى الله تعالى عليه وسلم) بفتح الواو رزانته ورصانته وحلمه وتحمله (وصمته) أي وسكوته وسكونه وطمأنينته وسكينته (وتؤدته) بضمتين بضم ففتح همز ويبدل أي تأنيه في قوله وعمله وتثبته ومهلته بلا عجلة (ومروءته) فسكون واو فهمزة وتبدل وتدغم فتشدد (وحسن هديه) أي سيرته وطريقته المشتملة على حقائق شريعته ودقائق حقيقته (فحدّثنا) كذا بالفاء ههنا على ما في النسخ المصححة (أبو عليّ الجيانيّ) بفتح جيم وتشديد تحتية ثم نون وهو الغساني (الحافظ إجازة) أي نوعا من أنواع الإجازة ومنها المناولة ولو بالمكاتبة (وعارضت) أي قابلت (أصلي بكتابه) أي المروي عن مشايخه (قال ثنا) أي حدثنا (أبو العبّاس الدّلائي) بكسر دال مهملة فلام مشددة وقد تخفف بعدها ألف ممدودة (أنا) أي

<<  <  ج: ص:  >  >>