للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشمائل سيرته (والبحث عن حاله) أي التفحص عن أفعاله (ضرورة) أي علما ضروريا قارب أن يكون بديهيا (وبالبرهان) أي يعلم ذلك بالدليل (القاطع) مما قام من الإرهاصات بعد خلقته والمعجزات (على) دعوى (نبوّته نظرا) أي علما نظريا واستدلالا فكريا. (فلا تطوّل بسرد الأقاصيص) أي بإيراد قصص الأنبياء متتابعة مما يفيده بالطريق الضروري (وآحاد القضايا) أي ولا بسردها مجتمعة مما يقتضيه على السبيل الفكري، (إذ مجموعها ما لا يأخذه حصر) يحصيه عددا (ولا يحيط به حفظ جامع) يضبطه علما أبدا، (وبحسب عقله) بفتح الحاء والسين على ما في الأصول المصححة وضبطه الأنطاكي بسكون السين وقال أي بعقله فقط والصواب ما قلنا والمعنى وبمقدار كمال عقله (كانت معارفه عليه الصلاة والسلام) في نهاية لا ترام وغاية لا تسام بل ولا تشام مرتقيا ومعتليا (إلى سائر ما علّمه الله تعالى) أي باقيه (وأطلعه عليه من علم ما يكون) في عالم الشهادة (وما كان) في عالم الغيب من السعادة والشقاوة (وعجائب قدرته وعظيم ملكوته) أي من ظهور قوته ووضوح سلطنته (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ

) من تفاصيل الشريعة وآداب الطريقة وأحوال الحقيقة (وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً

[النساء: ١١٣] ) حيث أنعم عليك إنعاما جسيما (حارت العقول) أي دهشت وترددت (في تقدير فضله عليه) أي في تقرير علمه لديه وتصوير إحسانه إليه (وخرست الألسن) بكسر الراء أي سكتت وبكمت الألسنة (دون وصف يحيط بذلك) أي عجزت عن أن تنطق بما يحصي مما منّ الله به عليه (أو ينتهي إليه) أي دون نعت ينحصر لديه لأنه مظهر الاسم الأعظم والله سبحانه وتعالى أعلم.

فصل [وأما الحلم]

(وأمّا الحلم والاحتمال والعفو مع المقدرة) بفتح الدال وضمها وحكي كسرها بمعنى القوة وفي نسخة مع القدرة (والصّبر على ما يكره) بصيغة المجهول أي ما تكرهه النفس ويخالفه الهوى (وبين هذه الألقاب) أي الأخلاق والآداب (فرق) أي فارق دقيق به يتميز كل عن الآخر في هذا الباب (فإنّ الحلم حالة توقّر وثبات) أي صفة تورث طلب وقار وثبوت في الأمر واستقرار (عند الأسباب المحرّكات) أي للغضب الباعث على العجلة في العقوبة، (والاحتمال) بالنصب أو الرفع (حبس النّفس) أي تحملها (عند الآلام والمؤديات) أي عند ورد ما يؤلمه ويوجعه من الأمراض ويؤذيه ويتعبه من الأعراض فالآلام من المحن الإلهية والأذى من جهة الحيوانات والآدمية فليس هذا من عطف العام على الخاص كما توهمه الدلجي وفي نسخة المرديات بالراء والدال المهملة أي المهلكات (ومثلها) أي المذكورات (الصّبر) فإنه حبس النفس على ما تكره إلا انه أعم منها فهو كالجنس وكل مما ذكر كالنوع فإن الصبر يكون على العبادة وعن المعصية وفي المصيبة وهو في الله وبالله ومع الله وعن الله:

والصبر يحمد في المواطن كلها ... إلا عليك فإنه مذموم

<<  <  ج: ص:  >  >>